نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 122
الفكري فيما كان له ذلك بمقتضى الآيات الشريفة ، ولو أنه تمثل لواحد من
البشر فعمل شيئا أو علمه إياه لم يزد ذلك على التمثل والتصرف في فكره أو مساسه
علما فانتظر ما سيوافيك من البحث.
وأما قوله
تعالى : «
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » فتصريح بالنهي بعد بيان المفسدة ليكون أوقع في النفوس
ثم ترج للفلاح على تقدير الاجتناب ، وفيه أشد التأكيد للنهي لتثبيته أن لا رجاء
لفلاح من لا يجتنب هذه الأرجاس.
قوله
تعالى : « (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ
بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) إلى آخر الآية » قال الراغب في المفردات :
العدو التجاوز ومنافاة
الالتيام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له : العداوة والمعاداة ، وتارة بالمشي فيقال
له : العدو ، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له : العدوان والعدو
قال : «
فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ » وتارة بأجزاء المقر فيقال له : العدواء يقال : مكان ذو
عدواء أي غير متلائم الأجزاء فمن المعاداة يقال : رجل عدو وقوم عدو قال : « بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ » وقد يجمع على
عدى (بالكسر فالفتح) وأعداء قال : « وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ » ، انتهى.
والبغض والبغضاء خلاف الحب والصد
الصرف ، والانتهاء قبول النهي
وخلاف الابتداء.
ثم إن الآية ـ كما
تقدم ـ مسوقة بيانا لقوله : «
مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ » أو لقوله : «
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ » أي إن حقيقة كون هذه الأمور من عمل الشيطان أو رجسا من
عمل الشيطان إن الشيطان لا بغية له ولا غاية في الخمر والميسر ـ اللذين قيل :
إنهما رجسان من عمله فقط ـ إلا أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء بتجاوز حدودكم وبغض
بعضكم بعضا ، وأن يصرفكم عن ذكر الله وعن الصلاة في هذه الأمور جميعا أعني الخمر
والميسر والأنصاب والأزلام.
وقصر إيقاع
العداوة والبغضاء في الخمر والميسر لكونهما من آثارهما الظاهرة ؛ أما الخمر فلأن
شربها تهيج سلسلة الأعصاب تهيجا يخمر العقل ويستظهر العواطف العصبية ؛ فإن وقعت في
طريق الغضب جوزت للسكران أي جناية فرضت وإن عظمت ما عظمت ، وفظعت ما فظعت مما لا
يستبيحه حتى السباع الضارية ، وإن وقعت
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 6 صفحه : 122