responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 85

وما يهمهم من أمرهم ، ولآمرنهم بشق آذان الأنعام وتحريم ما أحل الله سبحانه ، ولآمرنهم بتغيير خلق الله وينطبق على مثل الإخصاء وأنواع المثلة واللواط والسحق.

وليس من البعيد أن يكون المراد بتغيير خلق الله الخروج عن حكم الفطرة وترك الدين الحنيف ، قال تعالى : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ » : ( الروم : ٣٠ ).

ثم عد تعالى دعوة الشيطان وهي طاعته فيما يأمر به اتخاذا له وليا فقال : « وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً » ولم يقل : ومن يكن الشيطان له وليا إشعارا بما تشعر به الآيات السابقة أن الولي هو الله ، ولا ولاية لغيره على شيء وإن اتخذ وليا.

قوله تعالى : « يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً » ظاهر السياق أنه تعليل لقوله في الآية السابقة « فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً » وأي خسران أبين من خسران من يبدل السعادة الحقيقية وكمال الخلقة بالمواعيد الكاذبة والأماني الموهومة ، قال تعالى : « وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ » : ( النور. ٣٩ ).

أما المواعيد فهي الوساوس الشيطانية بلا واسطة ، وأما الأماني فهي المتفرعة على وساوسه مما يستلذه الوهم من المتخيلات ، ولذلك قال : « وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً » فعد الوعد غرورا دون التمنية على ما لا يخفى.

ثم بين عاقبة حالهم بقوله « أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً » أي معدلا ومفرا من « حاص » إذا عدل.

ثم ذكر ما يقابل حالهم وهو حال المؤمنين تتميما للبيان فقال تعالى : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ » ( إلى آخر الآية ) وفي الآيات التفات من سياق التكلم مع الغير إلى الغيبة ، والوجه العام فيه الإيماء إلى جلالة المقام وعظمته بوضع لفظ الجلالة موضع ضمير المتكلم مع الغير فيما يحتاج إلى هذا الإشعار حتى إذا استوفى الغرض رجع إلى سابق السياق الذي كان هو الأصل ، وذلك في قوله « سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ » ، وفي ذلك نكتة أخرى ، وهي الإيماء إلى قرب الحضور وعدم احتجابه تعالى عن عباده المؤمنين وهو وليهم.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست