نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 79
ويختار سفساف الشره ، وعلى هذا السبيل سائر الأسباب الشعورية في الإنسان
وإلا فالإنسان لا يحيد عن حكم سبب من هذه الأسباب ما دام السبب قائما على ساق ،
ولا مانع يمنع من تأثيره ، فجميع هذه التخلفات تستند إلى مغالبة التقوى والأسباب ،
وتغلب بعضها على بعض.
ومن هنا يظهر
أن هذه القوة المسماة بقوة العصمة سبب شعوري علمي غير مغلوب البتة ، ولو كانت من
قبيل ما نتعارفه من أقسام الشعور والإدراك لتسرب إليها التخلف ، وخبطت في أثرها
أحيانا ، فهذا العلم من غير سنخ سائر العلوم والإدراكات المتعارفة التي تقبل
الاكتساب والتعلم.
وقد أشار الله
تعالى إليه في خطابه الذي خص به نبيه صلىاللهعليهوآله بقوله «
وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ
تَعْلَمُ » وهو خطاب خاص
لا نفقهه حقيقة الفقه إذ لا ذوق لنا في هذا النحو من العلم والشعور غير أن الذي
يظهر لنا من سائر كلامه تعالى بعض الظهور كقوله « قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ
فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ » : ( البقرة : ٩٧ ) وقوله « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى
قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » : ( الشعراء : ١٩٥ ) أن الإنزال المذكور من سنخ العلم
، ويظهر من جهة أخرى أن ذلك من قبيل الوحي والتكليم كما يظهر من قوله « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ
الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا
بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى » : الآية ( الشورى : ١٣ ) وقوله « إِنَّا أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ » : ( النساء : ١٦٣ ) وقوله « إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ » : ( الأنعام : ٥٠ ) ، وقوله « إِنَّما أَتَّبِعُ ما
يُوحى إِلَيَّ » : ( الأعراف : ٢٠٣ ).
ويستفاد من
الآيات على اختلافها أن المراد بالإنزال هو الوحي وحي الكتاب والحكمة وهو نوع
تعليم إلهي لنبيه صلىاللهعليهوآله غير أن الذي يشير إليه بقوله « وَعَلَّمَكَ ما لَمْ
تَكُنْ تَعْلَمُ » ليس هو الذي علمه بوحي الكتاب والحكمة فقط فإن مورد الآية قضاء النبي صلىاللهعليهوآله في الحوادث الواقعة والدعاوي التي ترفع إليه برأيه
الخاص ، وليس ذلك من الكتاب والحكمة بشيء وإن كان متوقفا عليهما بل رأيه ونظره
الخاص به.
ومن هنا يظهر
أن المراد بالإنزال والتعليم في قوله « وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 79