نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 76
وإن وقع منه كما أراده يقال أصاب ، وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن أو أراد
إرادة لا تجمل : إنه أخطأ. ولهذا يقال : أصاب الخطأ ، وأخطأ الصواب ، وأصاب الصواب
، وأخطأ الخطأ. وهذه اللفظة مشتركة كما ترى ، مترددة بين معان يجب لمن يتحرى
الحقائق أن يتأملها.
قال : والخطيئة
والسيئة تتقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه في نفسه بل
يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه كمن يرمي صيدا فأصاب إنسانا ، أو شرب مسكرا
فجنى جناية في سكره ، والسبب سببان : سبب محظور فعله كشرب المسكر وما يتولد عنه من
الخطإ غير متجاف عنه ، وسبب غير محظور كرمي الصيد ، قال تعالى : « لَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ » وقال تعالى : « وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً » فالخطيئة هاهنا هي التي لا تكون عن قصد إلى فعلها (
انتهى ).
وأظن أن
الخطيئة من الأوصاف التي استغني عن موصوفاتها بكثرة الاستعمال كالمصيبة والرزية
والسليقة ونحوها ، ووزن فعيل يدل على اختزان الحدث واستقراره ، فالخطيئة هي العمل
الذي اختزن واستقر فيه الخطأ والخطأ ، الفعل الواقع الذي لا يقصده الإنسان كقتل
الخطإ ، هذا في الأصل ، ثم وسع إلى ما لا ينبغي للإنسان أن يقصده لو كانت نفسه على
سلامتها الفطرية ، فكل معصية وأثر معصية من مصاديق الخطإ على هذا التوسع ،
والخطيئة هي العمل أو أثر العمل الذي لم يقصده الإنسان ( ولا يعد حينئذ معصية ) أو
لم يكن ينبغي أن يقصده ( ويعد حينئذ معصية أو وبال معصية ).
لكن الله
سبحانه لما نسبها في قوله «
وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً » إلى الكسب كان المراد بها الخطيئة التي هي المعصية ، فالمراد بالخطيئة في
الآية هي التي تكون عن قصد إلى فعلها وإن كان من شأنها أن لا يقصد إليها.
وقد مر في قوله
تعالى « قُلْ
فِيهِما إِثْمٌ » : ( البقرة : ٢١٩ ) أن الإثم هو العمل الذي يوجب بوباله حرمان الإنسان عن خيرات
كثيرة كشرب الخمر والقمار والسرقة مما يصد الإنسان عن حيازة الخيرات الحيوية ،
ويوجب انحطاطا اجتماعيا يسقط الإنسان
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 76