responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 50

ولما كان هذا الذي ذكروه من الاستضعاف ـ لو كانوا صادقين فيه ـ إنما حل بهم من حيث إخلادهم إلى أرض الشرك ، وكان استضعافهم من جهة تسلط المشركين على الأرض التي ذكروها ، ولم تكن لهم سلطة على غيرها من الأرض فلم يكونوا مستضعفين على أي حال بل في حال لهم أن يغيروه بالخروج والمهاجرة كذبتهم الملائكة في دعوى الاستضعاف بأن الأرض أرض الله كانت أوسع مما وقعوا فيه ولزموه ، وكان يمكنهم أن يخرجوا من حومة الاستضعاف بالمهاجرة ، فهم لم يكونوا بمستضعفين حقيقة لوجود قدرتهم على الخروج من قيد الاستضعاف ، وإنما اختاروا هذا الحال بسوء اختيارهم.

فقوله « أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها » الاستفهام فيه للتوبيخ كما في قوله « فِيمَ كُنْتُمْ » ويمكن أن يكون أول الاستفهامين للتقرير كما هو ظاهر ما مر نقله من آيات سورة النحل لكون السؤال فيها عن الظالمين والمتقين جميعا ، وثاني الاستفهامين للتوبيخ على أي حال.

وقد أضافت الملائكة الأرض إلى الله ، ولا يخلو من إيماء إلى أن الله سبحانه هيأ في أرضه سعة أولا ثم دعاهم إلى الإيمان والعمل كما يشعر به أيضا قوله بعد آيتين « وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً » (الآية).

ووصف الأرض بالسعة هو الموجب للتعبير عن الهجرة بقوله « فَتُهاجِرُوا فِيها » أي تهاجروا من بعضها إلى بعضها ، ولو لا فرض السعة لكان يقال : فتهاجروا منها.

ثم حكم الله في حقهم بعد إيراد المساءلة بقوله « فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً ».

قوله تعالى : « إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ » ، الاستثناء منقطع ، وفي إطلاق المستضعفين على هؤلاء بالتفسير الذي فسره به دلالة على أن الظالمين المذكورين لم يكونوا مستضعفين لتمكنهم من رفع قيد الاستضعاف عن أنفسهم وإنما الاستضعاف وصف هؤلاء المذكورين في هذه الآية ، وفي تفصيل بيانهم بالرجال والنساء والولدان إيضاح للحكم الإلهي ورفع للبس. وقوله « لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً » الحيلة كأنها بناء نوع من الحيلولة ثم استعملت استعمال الآلة فهي ما يتوسل به إلى الحيلولة بين شيء وشيء أو حال للحصول على شيء أو حال آخر ، وغلب استعماله في ما يكون على خفية وفي الأمور المذمومة ، وفي مادتها على أي حال معنى التغير على ما ذكره الراغب في مفرداته.

والمعنى : لا يستطيعون ولا يتمكنون أن يحتالوا لصرف ما يتوجه إليهم من استضعاف

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست