نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 47
غير تقييد. وأما ثانيا : فلأنها ذكرت في التفضيل ( أولا ) أنها درجة ، و (
ثانيا ) أنها درجات منه.
أما الأول فلأن
الكلام في الآية مسوق لبيان فضل الجهاد على القعود ، والفضل إنما هو للجهاد إذا
كان في سبيل الله لا في سبيل هوى النفس ، وبالسماحة والجود بأعز الأشياء عند
الإنسان وهو المال ، وبما هو أعز منه ، وهو النفس ، ولذلك قيل أولا : « وَالْمُجاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ » ليتبين بذلك الأمر كل التبين ، ويرتفع به اللبس ، ثم
لما قيل : « فَضَّلَ
اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً » ، لم تكن حاجة إلى ذكر القيود من هذه الجهة لأن اللبس
قد ارتفع بما تقدمه من البيان غير أن الجملة لما قارنت قوله « وَكُلًّا وَعَدَ
اللهُ الْحُسْنى » مست حاجة الكلام إلى بيان سبب الفضل ، وهو إنفاق المال وبذل النفس على
حبهما فلذا اكتفي بذكرهما قيدا للمجاهدين فقيل : « الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
» وأما قوله
ثالثا « وَفَضَّلَ
اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً » فلم يبق فيه حاجة إلى ذكر القيود أصلا لا جميعها ولا
بعضها ولذلك تركت كلا.
وأما الثاني
فقوله « فَضَّلَ
اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً
» « دَرَجَةً » منصوب على التمييز ، وهو يدل على أن التفضيل من حيث الدرجة والمنزلة من
غير أن يعترض أن هذه الدرجة الموجبة للفضيلة واحدة أو أكثر ، وقوله « وَفَضَّلَ اللهُ
الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ » كان لفظة « فَضَّلَ » فيه مضمنة معنى الإعطاء أو ما يشابهه ، وقوله « دَرَجاتٍ مِنْهُ » بدل أو عطف بيان لقوله « أَجْراً عَظِيماً » والمعنى : وأعطى الله المجاهدين أجرا عظيما مفضلا
إياهم على القاعدين معطيا أو مثيبا لهم أجرا عظيما وهو الدرجات من الله ، فالكلام
يبين بأوله أن فضل المجاهدين على القاعدين بالمنزلة من الله مع السكوت عن بيان أن
هذه المنزلة واحدة أو كثيرة ، ويبين بآخره أن هذه المنزلة ليست منزلة واحدة بل
منازل ودرجات كثيرة ، وهي الأجر العظيم الذي يثاب به المجاهدون.
ولعل ما ذكرنا
يدفع به ما استشكلوه من إيهام التناقض في قوله أولا « دَرَجَةً » وثانيا « دَرَجاتٍ مِنْهُ » ، وقد ذكر المفسرون للتخلص من الإشكال وجوها لا يخلو
جلها أو كلها من تكلف.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 47