responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 373

صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمين كأنهم نفس واحدة ذات ملة واحدة ، وليسوا على وحدة من الملية لكن يبعث القوم على الاتفاق ، ويجعلهم يدا واحدة على المسلمين أن الإسلام يدعوهم إلى الحق ، ويخالف أعز المقاصد عندهم وهو اتباع الهوى ، والاسترسال في مشتهيات النفس وملاذ الدنيا.

فهذا هو الذي جعل الطائفتين : اليهود والنصارى ـ على ما بينهما من الشقاق والعداوة الشديدة ـ مجتمعا واحدا يقترب بعضه من بعض ، ويرتد بعضه إلى بعض ، يتولى اليهود النصارى وبالعكس ، ويتولى بعض اليهود بعضا ، وبعض النصارى بعضا ، وهذا معنى إبهام الجملة : « بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » في مفرداتها ، والجملة في موضع التعليل لقوله : « لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ » والمعنى لا تتخذوهم أولياء لأنهم على تفرقهم وشقاقهم فيما بينهم يد واحدة عليكم لا نفع لكم في الاقتراب منهم بالمودة والمحبة.

وربما أمكن أن يستفاد من قوله : « بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » معنى آخر ، وهو أن لا تتخذوهم أولياء لأنكم إنما تتخذونهم أولياء لتنتصروا ببعضهم الذي هم أولياؤكم على البعض الآخر ، ولا ينفعكم ذلك فإن بعضهم أولياء بعض فليسوا ينصرونكم على أنفسهم.

قوله تعالى : « وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » التولي اتخاذ الولي ، و « من » تبعيضية والمعنى أن من يتخذهم منكم أولياء فإنه بعضهم ، وهذا إلحاق تنزيلي يصير به بعض المؤمنين بعضا من اليهود والنصارى ، ويئول الأمر إلى أن الإيمان حقيقة ذات مراتب مختلفة من حيث الشوب والخلوص ، والكدورة والصفاء كما يستفاد ذلك من الآيات القرآنية قال تعالى : « وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ » : ( يوسف : ١٠٦ ) وهذا الشوب والكدر هو الذي يعبر تعالى عنه بمرض القلوب فيما سيأتي من قوله : « فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ ».

فهؤلاء الموالون لأولئك أقوام عدهم الله تعالى من اليهود والنصارى وإن كانوا من المؤمنين ظاهرا ، وأقل ما في ذلك أنهم غير سالكين سبيل الهداية الذي هو الإيمان بل سالكو سبيل اتخذه أولئك سبيلا يسوقه إلى حيث يسوقهم وينتهي به إلى حيث ينتهي بهم.

ولذلك علل الله سبحانه لحوقه بهم بقوله : « إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » فالكلام في معنى : أن هذا الذي يتولاهم منكم هو منهم غير سألك سبيلكم لأن سبيل الإيمان هو سبيل الهداية الإلهية ، وهذا المتولي لهم ظالم مثلهم ، والله لا يهدي القوم الظالمين.

والآية ـ كما ترى ـ تشتمل على أصل التنزيل أعني تنزيل من تولاهم من المؤمنين

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست