نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 345
الآيات السابقة فإن السياق قد تجدد بقوله : « إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً
وَنُورٌ ».
والحكم موجود
في التوراة الدائرة على ما سيجيء نقله في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : « فَمَنْ تَصَدَّقَ
بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ » أي فمن عفا من أولياء القصاص كولي المقتول أو نفس
المجني عليه والمجروح عن الجاني ، ووهبه ما يملكه من القصاص فهو أي العفو كفارة
لذنوب المتصدق أو كفارة عن الجاني في جنايته.
والظاهر من
السياق أن الكلام في تقدير قولنا : فإن تصدق به من له القصاص فهو كفارة له ، وإن
لم يتصدق فليحكم صاحب الحكم بما أنزله الله من القصاص ، ومن لم يحكم بما أنزل الله
فأولئك هم الظالمون.
وبذلك يظهر
أولا : أن الواو في قوله : «
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ » للعطف على قوله : «
فَمَنْ تَصَدَّقَ » لا للاستيناف كما أن الفاء في قوله : « فَمَنْ تَصَدَّقَ » للتفريع : تفريع المفصل على المجمل ، نظير قوله تعالى
في آية القصاص : « فَمَنْ
عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ
بِإِحْسانٍ » : ( البقرة : ١٧٨ ).
وثانيا : أن
قوله : « وَمَنْ
لَمْ يَحْكُمْ » ، من قبيل وضع العلة موضع معلولها والتقدير : وإن لم يتصدق فليحكم بما
أنزل الله فإن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون.
قوله تعالى : « وَقَفَّيْنا عَلى
آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
التَّوْراةِ » التقفية جعل الشيء خلف الشيء وهو مأخوذ من القفا ، والآثار جمع أثر وهو ما يحصل من الشيء مما يدل عليه ، ويغلب
استعماله في الشكل الحاصل من القدم ممن يضرب في الأرض ، والضمير في « آثارِهِمْ » للأنبياء.
فقوله : « وَقَفَّيْنا عَلى
آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ » استعارة بالكناية أريد بها الدلالة على أنه سلك به عليهالسلام المسلك الذي سلكه من قبله من الأنبياء ، وهو طريق
الدعوة إلى التوحيد والإسلام لله.
وقوله : « مُصَدِّقاً لِما
بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ » تبيين لما تقدمه من الجملة وإشارة إلى أن دعوة عيسى هي
دعوة موسى عليهالسلام من غير بينونة بينهما أصلا.