نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 343
الدهور ، ولا يستكمل المختلفان في الاستعداد شدة وضعفا بمكمل واحد من
التربية العلمية والعملية على وتيرة واحدة.
فقوله : « إِنَّا أَنْزَلْنَا
التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ » أي شيء من الهداية يهتدي بها ، وشيء من النور يتبصر به
من المعارف والأحكام على حسب حال بني إسرائيل ، ومبلغ استعدادهم ، وقد بين الله
سبحانه في كتابه عامة أخلاقهم ، وخصوصيات أحوال شعبهم ومبلغ فهمهم ، فلم ينزل
إليهم من الهداية إلا بعضها ومن النور إلا بعضه لسبق عهدهم وقدمة أمتهم ، وقلة
استعدادهم ، قال تعالى : «
وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً
لِكُلِّ شَيْءٍ » ( الأعراف : ١٤٥ ).
وقوله : « يَحْكُمُ بِهَا
النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا » إنما وصف النبيين بالإسلام وهو التسليم لله ، الذي هو
الدين عند الله سبحانه للإشارة إلى أن الدين واحد ، وهو الإسلام لله وعدم
الاستنكاف عن عبادته ، وليس لمؤمن بالله ـ وهو مسلم له ـ أن يستكبر عن قبول شيء من
أحكامه وشرائعه.
وقوله : « وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ » أي ويحكم بها الربانيون وهم العلماء المنقطعون إلى
الله علما وعملا ، أو الذين إليهم تربية الناس بعلومهم بناء على اشتقاق اللفظ من
الرب أو التربية ، والأحبار وهم الخبراء من علمائهم يحكمون بما أمرهم الله به
وأراده منهم أن يحفظوه من كتاب الله ، وكانوا من جهة حفظهم له وتحملهم إياه شهداء
عليه لا يتطرق إليه تغيير وتحريف لحفظهم له في قلوبهم ، فقوله : « وَكانُوا عَلَيْهِ
شُهَداءَ » بمنزلة
النتيجة لقوله : « بِمَا
اسْتُحْفِظُوا » (إلخ) أي أمروا بحفظه فكانوا حافظين له بشهادتهم عليه.
وما ذكرناه من
معنى الشهادة هو الذي يلوح من سياق الآية ، وربما قيل : إن المراد بها الشهادة على
حكم النبي صلىاللهعليهوآله في الرجم أنه ثابت في التوراة ، وقيل : إن المراد
الشهادة على الكتاب أنه من عند الله وحده لا شريك له ، ولا شاهد من جهة السياق
يشهد على شيء من هذين المعنيين.
وأما قوله
تعالى : « فَلا
تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً » فهو متفرع على قوله : « إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً
وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا » ، أي لما كانت التوراة منزلة من عندنا مشتملة على شريعة يقضي بها النبيون
والربانيون والأحبار بينكم فلا تكتموا شيئا
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 343