responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 309

لما كان كل علم هداية وكل هداية فهي من الله كان كل علم للإنسان بتعليمه تعالى.

ويقرب من قوله : « عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ » قوله : « وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ » : ( النحل : ٧٨ ).

والتأمل في حال الإنسان والتدبر في الآيات الكريمة يفيدان أن علم الإنسان النظري أعني العلم بخواص الأشياء وما يستتبعه من المعارف العقلية يبتدئ من الحس فيعلمه الله من طريقه خواص الأشياء كما يدل عليه قوله : « فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ » (الآية).

فنسبة بعث الغراب لإراءة كيفية المواراة إلى الله سبحانه نسبة تعليم كيفية المواراة إليه تعالى بعينه فالغراب وإن كان لا يشعر بأن الله سبحانه هو الذي بعثه ، وكذلك ابن آدم لم يكن يدري أن هناك مدبرا يدبر أمر تفكيره وتعلمه ، وكانت سببية الغراب وبحثه بالنسبة إلى تعلمه بحسب النظر الظاهري سببية اتفاقية كسائر الأسباب الاتفاقية التي تعلم الإنسان طرق تدبير المعاش والمعاد ، لكن الله سبحانه هو الذي خلق الإنسان وساقه إلى كمال العلم لغاية حياته ، ونظم الكون نوع نظم يؤديه إلى الاستكمال بالعلم بأنواع من التماس والتصاك تقع بينه وبين أجزاء الكون ، فيتعلم بها الإنسان ما يتوسل به إلى أغراضه ومقاصده من الحياة فالله سبحانه هو الذي يبعث الغراب وغيره إلى عمل يتعلم به الإنسان شيئا فهو المعلم للإنسان.

ولهذا المعنى نظائر في القرآن كقوله تعالى : « وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ » : ( المائدة : ٤ ) عد ما علموه وعلموه مما علمهم الله وإنما تعلموه من سائر الناس أو ابتكروه بأفكار أنفسهم ، وقوله : « وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ » : ( البقرة : ٢٨٢ ) وإنما كانوا يتعلمونه من الرسول ، وقوله : « وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ » : ( البقرة : ٢٨٢ ) وإنما تعلم الكاتب ما علمه بالتعلم من كاتب آخر مثله إلا أن جميع ذلك أمور مقصودة في الخلق والتدبير فما حصل من هذه الأسباب من فائدة العلم الذي يستكمل به الإنسان فالله سبحانه هو معلمه بهذه الأسباب كما أن المعلم من الإنسان يعلم بالقول والتلقين ، والكاتب من الإنسان يعلم غيره بالقول والقلم مثلا.

وهذا هو السبيل في جميع ما يسند إليه تعالى في عالم الأسباب فالله تعالى هو خالقه

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست