responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 306

وربما قيل : إن قوله : طوعت بمعنى زينت فقوله : « قَتْلَ أَخِيهِ » مفعول به ، وقيل : بمعنى طاوعت أي طاوعت له نفسه في قتل أخيه ، فالقتل منصوب بنزع الخافض ، ومعنى الآية ظاهر.

وربما استفيد من قوله : « فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ » أنه إنما قتله ليلا ، وفيه كما قيل : إن أصبح ـ وهو مقابل أمسى ـ وإن كان بحسب أصل معناه يفيد ذلك لكن عرف العرب يستعمله بمعنى صار من غير رعاية أصل اشتقاقه ، وفي القرآن شيء كثير من هذا القبيل كقوله : « فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً » : ( آل عمران : ١٠٣ ) وقوله : « فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ » : ( المائدة : ٥٢ ) فلا سبيل إلى إثبات إرادة المعنى الأصلي في المقام.

قوله تعالى : « فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ » البحث طلب الشيء في التراب ثم يقال : بحثت عن الأمر بحثا كذا في المجمع. ، والمواراة : الستر ، ومنه التواري للتستر ، والوراء لما خلف الشيء. والسوأة ما يتكرهه الإنسان.

والويل الهلاك. ويا ويلتا كلمة تقال عند الهلكة ، والعجز مقابل الاستطاعة.

والآية بسياقها تدل على أن القاتل قد كان بقي زمانا على تحير من أمره ، وكان يحذر أن يعلم به غيره ، ولا يدري كيف الحيلة إلى أن لا يظفروا بجسده حتى بعث الله الغراب ، ولو كان بعث الغراب وبحثه وقتله أخاه متقاربين لم يكن وجه لقوله : « يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ ».

وكذا المستفاد من السياق أن الغراب دفن شيئا في الأرض بعد البحث فإن ظاهر الكلام أن الغراب أراد إراءة كيفية المواراة لا كيفية البحث ، ومجرد البحث ما كان يعلمه كيفية المواراة وهو في سذاجة الفهم بحيث لم ينتقل ذهنه بعد إلى معنى البحث ، فكيف كان ينتقل من البحث إلى المواراة ولا تلازم بينهما بوجه؟ فإنما انتقل إلى معنى المواراة بما رأى أن الغراب بحث في الأرض ثم دفن فيها شيئا.

والغراب من بين الطير من عادته أنه يدخر بعض ما اصطاده لنفسه بدفنه في الأرض وبعض ما يقتات بالحب ونحوه من الطير وإن كان ربما بحث في الأرض لكنه للحصول على مثل الحبوب والديدان لا للدفن والادخار.

وما تقدم من إرجاع ضمير الفاعل في « لِيُرِيَهُ » إلى الغراب هو الظاهر من الكلام

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست