نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 305
للظالم ، وإنما تزر وازرته وزر نفسها لا وزر غيرها ، لأنها تملكتها من
الغير بما أوقعته عليه من الظلم والشر نظير ما يبتاع الإنسان ما يملكه غيره بثمن ،
فكما أن تصرفات المالك الجديد لا تمنع لكون المالك الأول مالكا للعين زمانا
لانتقالها إلى غيره ملكا ، كذلك لا يمنع قوله : « أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى » مؤاخذة النفس القاتلة بسيئة بمجرد أن النفس الوازرة
كانت غيرها زمانا ، ولا أن قوله : « لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى » يبقى بلا فائدة ولا أثر بسبب جواز انتقال الوزر بسبب
جديد كما لا يبقى قوله عليهالسلام : « لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه » بلا فائدة
بتجويز انتقال الملك ببيع ونحوه.
وقد ذكر بعض
المفسرين : أن المراد بقوله : «
بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ » بإثم قتلي إن قتلتني وإثمك الذي كنت أثمته قبل ذلك كما نقل عن ابن مسعود
وابن عباس وغيرهما ، أو أن المراد بإثم قتلي وإثمك الذي لم يتقبل من أجله قربانك
كما نقل عن الجبائي والزجاج ، أو أن معناه بإثم قتلي وإثمك الذي هو قتل جميع الناس
كما نقل عن آخرين.
وهذه وجوه
ذكروها ليس على شيء منها من جهة اللفظ دليل ، ولا يساعد عليه اعتبار.
على أن
المقابلة بين الإثمين مع كونهما جميعا للقاتل ثم تسمية أحدهما بإثم المقتول وغيره
بإثم القاتل خالية عن الوجه.
قوله تعالى : « فَطَوَّعَتْ لَهُ
نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ » قال الراغب في مفرداته : الطوع الانقياد ويضاده الكره ، والطاعة مثله لكن أكثر ما يقال في الايتمار لما أمر والارتسام
فيما رسم ، وقوله : ( فَطَوَّعَتْ لَهُ
نَفْسُهُ )نحو أسمحت له قرينته وانقادت له وسولت ، وطوعت أبلغ من
أطاعت وطوعت له نفسه بإزاء قولهم : تابت عن كذا نفسه. انتهى ملخصا. وليس مراده أن
طوعت مضمن معنى انقادت أو سولت بل يريد أن التطويع يدل على التدريج كالإطاعة على
الدفعة ، كما هو الغالب في بابي الإفعال والتفعيل فالتطويع في الآية اقتراب تدريجي
للنفس من الفعل بوسوسة بعد وسوسة وهمامة بعد همامة تنقاد لها حتى تتم لها الطاعة
الكاملة فالمعنى : انقادت له نفسه وأطاعت أمره إياها بقتل أخيه طاعة تدريجية ،
فقوله : « قَتْلَ
أَخِيهِ » من وضع
المأمور به موضع الأمر كقولهم : أطاع كذا في موضع : أطاع الأمر بكذا.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 305