نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 300
على أن أصل القصة على النحو الذي ذكره لا مأخذ له رواية ولا تاريخا.
فتبين أن قوله
: « نَبَأَ
ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ » يراد به قصة ابني آدم أبي البشر ، وتقييد الكلام بقوله : « بِالْحَقِّ »ـوهو متعلق بالنبإ أو بقوله « وَاتْلُ »
ـلا يخلو عن إشعار أو دلالة على أن المعروف الدائر بينهم
من النبإ لا يخلو من تحريف وسقط ، وهو كذلك فإن القصة موجودة في الفصل الرابع من
سفر التكوين من التوراة ، وليس فيها خبر بعث الغراب وبحثه في الأرض ، والقصة مع
ذلك صريحة في تجسم الرب تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وقوله : « إِذْ قَرَّبا
قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ » ظاهر السياق أن كل واحد منهما قدم إلى الرب تعالى شيئا
يتقرب به وإنما لم يثن لفظ القربان لكونه في الأصل مصدرا لا يثنى ولا يجمع.
وقوله : « قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ
قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » القائل الأول هو القاتل والثاني هو المقتول ، وسياق
الكلام يدل على أنهما علما تقبل قربان أحدهما وعدم تقبله من الآخر ، وأما أنهما من
أين علما ذلك؟ أو بأي طريق استدلوا عليه؟ فالآية ساكتة عن ذلك.
غير أنه ذكر في
موضع من كلامه تعالى : أنه كان من المعهود عند الأمم السابقة أو عند بني إسرائيل
خاصة تقبل القربان المتقرب به بأكل النار إياه قال تعالى : « الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا
بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ
وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » : ( آل عمران : ١٨٣ ) والقربان معروف عند أهل الكتاب
إلى هذا اليوم [١] فمن الممكن أن يكون التقبل للقربان في هذه القصة أيضا
على ذلك النحو ، وخاصة بالنظر إلى إلقاء القصة إلى أهل الكتاب المعتقدين لذلك ،
وكيف كان فالقاتل والمقتول جميعا كانا يعلمان قبوله من أحدهما ورده من الآخر.
ثم السياق يدل
أيضا على أن القائل «
لَأَقْتُلَنَّكَ » هو الذي لم يتقبل قربانه ، وأنه
[١] القربان عند
اليهود أنواع كذبائح الحيوان بالتضحية ، وتقدمة الدقيق والزيت واللبان وباكورة
الثمار ، وعند النصارى ما يقدمونه من الخبز والخمر فيتبدل إلى لحم المسيح ودمه
حقيقة في زعمهم.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 300