نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 267
فالاعتراض يبطل نفسه.
ولعلنا خرجنا
عما هو شريطة هذا الكتاب من إيثار الاختصار مهما أمكن فلنرجع إلى ما كنا فيه أولا
: القرآن الكريم يهدي العقول إلى استعمال ما فطرت على استعماله وسلوك ما تألفه
وتعرفه بحسب طبعها وهو ترتيب المعلومات لاستنتاج المجهولات ، والذي فطرت العقول
عليه هو أن تستعمل مقدمات حقيقية يقينية لاستنتاج المعلومات التصديقية الواقعية
وهو البرهان ، وأن تستعمل فيما له تعلق بالعمل من سعادة وشقاوة وخير وشر ونفع وضرر
وما ينبغي أن يختار ويؤثر وما لا ينبغي ، وهي الأمور الاعتبارية ، المقدمات
المشهورة أو المسلمة ، وهو الجدل ، وأن تستعمل في موارد الخير والشر المظنونين
مقدمات ظنية لإنتاج الإرشاد والهداية إلى خير مظنون ، أو الردع عن شر مظنون ، وهي
العظة قال تعالى : «
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » : ( النحل : ١٢٥ ) والظاهر أن المراد بالحكمة هو
البرهان كما ترشد إلى ذلك مقابلته الموعظة الحسنة والجدال.
فإن قلت : طريق
التفكر المنطقي مما يقوى عليه الكافر والمؤمن ، ويتأتى من الفاسق والمتقي ، فما
معنى نفيه تعالى العلم المرضي والتذكر الصحيح عن غير أهل التقوى والاتباع كما في
قوله تعالى : « وَما
يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ » : ( غافر : ١٣ ) ، وقوله : « وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً » : ( الطلاق : ٢ ) ، وقوله : « فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا
وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ
اهْتَدى » : ( النجم :
٣٠ ) والروايات الناطقة بأن العلم النافع لا ينال إلا بالعمل الصالح كثيرة
مستفيضة.
قلت : اعتبار
الكتاب والسنة التقوى في جانب العلم مما لا ريب فيه ، غير أن ذلك ليس لجعل التقوى
أو التقوى الذي معه التذكر طريقا مستقلا لنيل الحقائق وراء الطريق الفكري الفطري
الذي يتعاطاه الإنسان تعاطيا لا مخلص له منه ، إذ لو كان الأمر على ذلك لغت جميع
الاحتجاجات الواردة في الكتاب على الكفار والمشركين وأهل الفسق والفجور ممن لا
يتبع الحق ، ولا يدري ما هو التقوى والتذكر فإنهم لا سبيل لهم على هذا الفرض إلى
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 267