responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 255

ولم يعين في الكتاب العزيز هذا الفكر الصحيح القيم الذي يندب إليه إلا أنه أحال فيه إلى ما يعرفه الناس بحسب عقولهم الفطرية ، وإدراكهم المركوز في نفوسهم ، وأنك لو تتبعت الكتاب الإلهي ثم تدبرت في آياته وجدت ما لعله يزيد على ثلاثمائة آية تتضمن دعوة الناس إلى التفكر أو التذكر أو التعقل ، أو تلقن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحجة لإثبات حق أو لإبطال باطل كقوله : « قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ » (الآية) أو تحكي الحجة عن أنبيائه وأوليائه كنوح وإبراهيم وموسى وسائر الأنبياء العظام ، ولقمان ومؤمن آل فرعون وغيرهما ع كقوله : « قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » : ( إبراهيم : ١٠ ) ، وقوله : « وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ » : ( لقمان : ١٣ ) ، وقوله : « وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ » الآية : ( غافر : ٢٨ ) ، وقوله حكاية عن سحرة فرعون : « قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا » إلى آخر ما احتجوا به : ( طه : ٧٢ ).

ولم يأمر الله تعالى عباده في كتابه ولا في آية واحدة أن يؤمنوا به أو بشيء مما هو من عنده أو يسلكوا سبيلا على العمياء وهم لا يشعرون ، حتى أنه علل الشرائع والأحكام التي جعلها لهم مما لا سبيل للعقل إلا تفاصيل ملاكاته بأمور تجري مجرى الاحتجاجات كقوله : « إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ » : ( العنكبوت : ٤٥ ) وقوله : « كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » : ( البقرة : ١٨٣ ) ، وقوله في آية الوضوء : « ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » : ( المائدة : ٦ ) إلى غير ذلك من الآيات.

وهذا الإدراك العقلي أعني طريق الفكر الصحيح الذي يحيل إليه القرآن الكريم ويبني على تصديقه ما يدعو إليه من حق أو خير أو نفع ، ويزجر عنه من باطل أو شر أو ضر أنما هو الذي نعرفه بالخلقة والفطرة مما يتغير ولا يتبدل ولا يتنازع فيه إنسان وإنسان ، ولا يختلف فيه اثنان ، وإن فرض فيه اختلاف أو تنازع فإنما هو من قبيل المشاجرة في البديهيات ينتهي إلى عدم تصور أحد المتشاجرين أو كليهما حق المعنى المتشاجر فيه لعدم التفاهم الصحيح.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست