نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 240
قابلوه به من نقض الميثاق ، وما قابلهم به الله سبحانه من اللعن وتقسية
القلوب (إلخ).
فقال : « وَلَقَدْ أَخَذَ
اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ » وهو الذي يذكره كثيرا في سورة البقرة وغيرها : « وَبَعَثْنا مِنْهُمُ
اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً » والظاهر أنهم رؤساء الأسباط الاثني عشر ، كانوا كالولاة عليهم يتولون
أمورهم فنسبتهم إلى أسباطهم بوجه كنسبة أولي الأمر إلى الأفراد في هذه الأمة لهم
المرجعية في أمور الدين والدنيا غير أنهم لا يتلقون وحيا ، ولا يشرعون شريعة وإنما
ذلك إلى الله ورسوله «
وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ » إيذان بالحفظ والمراقبة فيتفرع عليه أن ينصرهم إن
أطاعوه ويخذلهم إن عصوه ولذلك ذكر الأمرين جميعا فقال : « لَئِنْ أَقَمْتُمُ
الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ » والتعزير هو النصرة مع التعظيم ، والمراد بالرسل ما سيستقبلهم
ببعثته ودعوته كعيسى ومحمد عليهالسلام وسائر من بعثه الله بين موسى ومحمد عليهالسلام «
وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً » وهو الإنفاق المندوب دون الزكاة الواجبة « لَأُكَفِّرَنَّ
عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ » فهذا ما يرجع إلى جميل الوعد. ثم قال : « فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ
ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ ».
قوله تعالى : « فَبِما نَقْضِهِمْ
مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً » ، ذكر تعالى جزاء الكفر بالميثاق المذكور ضلال سواء
السبيل ، وهو ذكر إجمالي يفصله ما في هذه الآية من أنواع النقم التي نسب الله
سبحانه بعضها إلى نفسه كاللعن وتقسية القلوب مما تستقيم فيه النسبة ، وبعضها إلى
أنفسهم مما وقع باختيارهم كالذي يعني بقوله : « وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ
» فهذا كله
جزاؤهم بما كفروا بآيات الله التي على رأسها الميثاق المأخوذ منهم ، أو جزاء كفرهم
بالميثاق خاصة فإن سواء السبيل الذي ضلوه هو سبيل السعادة التي بها عمارة دنياهم
وأخراهم.
فقوله : « فَبِما نَقْضِهِمْ
مِيثاقَهُمْ » الظاهر أنه هو الكفر الذي توعد الله عليه في الآية السابقة ، ولفظة « ما
» في قوله : « فَبِما » للتأكيد ، ويفيد الإبهام لغرض التعظيم أو التحقير أو
غيرهما ، والمعنى : فبنقض ما منهم لميثاقهم « لَعَنَّاهُمْ » واللعن هو الإبعاد من الرحمة « وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً » وقسوة القلب مأخوذ من قسوة الحجارة وهي صلابتها والقسي من
القلوب ما لا يخشع لحق ولا يتأثر برحمة ، قال تعالى : « أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ
قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ » : ( الحديد : ١٦ ).
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 240