نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 215
قال تعالى في الآية : « السابقة على هذه الآية « يَسْئَلُونَكَ ما ذا
أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ » ولحن السؤال والجواب فيها أوضح دليل على حصر الحل في
الطيبات ، وكذا ما في أول هذه الآية من قوله : « الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ » والمقام مقام الامتنان يدل على الحصر المذكور.
وإن كان تحريم
ذبائح الكفار لكونها بالإهلال به لغير الله كالذبح باسم الأوثان عاد الكلام بعدم
الفرق بين الإهلال به لغير الله ، والإهلال به لله على طريقة منسوخة لا يرتضيها
الله سبحانه.
ثم قال : وقد
شدد الله فيما كان عليه مشركو العرب من أكل الميتة بأنواعها المتقدمة والذبح
للأصنام لئلا يتساهل به المسلمون الأولون تبعا للعادة ، وكان أهل الكتاب أبعد منهم
عن أكل الميتة والذبح للأصنام.
وقد نسي أن
النصارى من أهل الكتاب يأكلون لحم الخنزير ، وقد ذكره الله تعالى وشدد عليه ،
وأنهم يأكلون جميع ما تستبيحه المشركون لارتفاع التحريم عنهم بالتفدية.
على أن هذا
استحسان سخيف لا يجدي نفعا ولا يعول على مثله في تفسير كلام الله وفهم معاني آياته
، ولا في فقه أحكام دينه.
ثم قال : ولأنه
كان من سياسة الدين التشديد في معاملة مشركي العرب حتى لا يبقى في الجزيرة أحد إلا
ويدخل في الإسلام وخفف في معاملة أهل الكتاب ، ثم ذكر موارد من فتيا بعض الصحابة
بحلية ما ذبحوه للكنائس وغير ذلك.
وهذا الكلام
منه مبني على ما يظهر من بعض الروايات أن الله اختار العرب على غيرهم من الأمم ،
وأن لهم كرامة على غيرهم. ولذلك كانوا يسمون غيرهم بالموالي ، ولا يلائمه ظاهر
الآيات القرآنية ، وقد قال الله تعالى : « يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ » : ( الحجرات : ١٣ ) ومن طرق أئمة أهل البيت عليهالسلام أحاديث كثيرة في هذا المعنى.
ولم يجعل
الإسلام في دعوته العرب في جانب وغيرهم في جانب ، بل إنما جعل غير أهل الكتاب من
المشركين سواء كانوا عربا أو غيرهم في جانب ، فلم يقبل منهم إلا أن يسلموا ويؤمنوا
، وأهل الكتاب سواء كانوا عربا أو غيرهم في جانب ، فقبل منهم الدخول في الذمة
وإعطاء الجزية إلا أن يسلموا.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 215