responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 207

بالإيمان إنما يصدق إذا ترك الإنسان العمل بما يقتضيه إيمانه ، ويتعلق به علمه ، ودام عليه ، وأما إذا ستر مرة أو مرتين من غير أن يدوم عليه فلا يصدق عليه الكفر وإنما هو فسق أتى به.

ومن هنا يظهر أن المراد بقوله : « وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ » هو المداومة والاستمرار عليه وإن كان عبر بالفعل دون الوصف. فتارك الاتباع لما حق عنده من الحق ، وثبت عنده من أركان الدين كافر بالإيمان ، حابط العمل كما قال تعالى : « فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ».

فالآية تنطبق على قوله تعالى : « وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ » : ( الأعراف : ١٤٧ ) فوصفهم باتخاذ سبيل الغي وترك سبيل الرشد بعد رؤيتهما وهي العلم بهما ثم بدل ذلك بتوصيفهم بتكذيب الآيات ، والآية إنما تكون آية بعد العلم بدلالتها ، ثم فسره بتكذيب الآخرة لما أن الآخرة لو لم

تكذب منع العلم بها عن ترك الحق ، ثم أخبر بحبط أعمالهم.

ونظير ذلك قوله تعالى : « قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً » : ( الكهف : ١٠٥ ) وانطباق الآيات على مورد الكفر بالإيمان بالمعنى الذي تقدم بيانه ظاهر.

وبالتأمل فيما ذكرنا يظهر وجه اتصال الجملة أعني قوله : « وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ » ، بما قبله فالجملة متممة للبيان السابق ، وهي في مقام التحذير عن الخطر الذي يمكن أن يتوجه إلى المؤمنين بالتساهل في أمر الله ، والاسترسال مع الكفار فإن الله سبحانه إنما أحل طعام أهل الكتاب والمحصنات من نسائهم للمؤمنين ليكون ذلك تسهيلا وتخفيفا منه لهم ، وذريعة إلى انتشار كلمة التقوى ، وسراية الأخلاق الطاهرة الإسلامية من المسلمين المتخلقين بها إلى غيرهم ، فيكون داعية إلى العلم النافع ، وباعثة نحو العمل الصالح.

فهذا هو الغرض من التشريع لا لأن يتخذ ذلك وسيلة إلى السقوط في مهابط الهوى ، والإصعاد في أودية الهوسات ، والاسترسال في حبهن والغرام بهن ، والتوله في جمالهن ، فيكن قدوة تتسلط بذلك أخلاقهن وأخلاق قومهن على أخلاق المسلمين ، ويغلب فسادهن

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست