نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 168
لأصل الآية أعني قوله : «
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ » ، أصلا ، وهذا يؤيد أيضا نزول قوله : « الْيَوْمَ يَئِسَ » (إلخ) نزولا مستقلا منفصلا عن الصدر والذيل ، وإن وقوع
الآية في وسط الآية مستند إلى تأليف النبي صلىاللهعليهوآله أو إلى تأليف المؤلفين بعده.
ويؤيده ما رواه
في الدر المنثور ، عن عبد بن حميد عن الشعبي قال : نزل على النبي صلىاللهعليهوآله هذه الآية ـ وهو بعرفة ـ : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » ـ وكان إذا أعجبته آيات جعلهن صدر السورة ، قال : وكان
جبرئيل يعلمه كيف ينسك.
ثم إن هاتين
الجملتين أعني قوله : «
الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ » وقوله : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » متقاربتان مضمونا ، مرتبطتان مفهوما بلا ريب ، لظهور
ما بين يأس الكفار من دين المسلمين وبين إكمال دين المسلمين من الارتباط القريب ،
وقبول المضمونين لأن يمتزجا فيتركبا مضمونا واحدا مرتبط الأجزاء ، متصل الأطراف
بعضها ببعض ، مضافا إلى ما بين الجملتين من الاتحاد في السياق.
ويؤيد ذلك ما
نرى أن السلف والخلف من مفسري الصحابة والتابعين والمتأخرين إلى يومنا هذا أخذوا
الجملتين متصلتين يتم بعضهما ، بعضا وليس ذلك إلا لأنهم فهموا من هاتين الجملتين
ذلك ، وبنوا على نزولهما معا ، واجتماعهما من حيث الدلالة على مدلول واحد.
وينتج ذلك أن
هذه الآية المعترضة أعني قوله : « الْيَوْمَ
يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ـإلى قوله ـ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً » كلام واحد متصل بعض أجزائه ببعض مسوق لغرض واحد قائم
بمجموع الجملتين من غير تشتت سواء قلنا بارتباطه بالآية المحيطة بها أو لم نقل ،
فإن ذلك لا يؤثر البتة في كون هذا المجموع كلاما واحدا معترضا لا كلامين ذوي غرضين
، وإن اليوم المتكرر في قوله : «
الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا » ، وفي قوله : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » ، أريد به يوم واحد يئس فيه الكفار وأكمل فيه الدين.
ثم ما المراد
بهذا اليوم الواقع في قوله تعالى : « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ »؟فهل المراد به زمان ظهور الإسلام ببعثة النبي صلىاللهعليهوآله ودعوته فيكون المراد أن الله أنزل إليكم الإسلام ،
وأكمل لكم الدين وأتم عليكم النعمة وأيأس منكم الكفار؟
لا سبيل إلى
ذلك لأن ظاهر السياق أنه كان لهم دين كان الكفار يطمعون في إبطاله أو تغييره ،
وكان المسلمون يخشونهم على دينهم فأيأس الله الكافرين مما طمعوا فيه وآمن
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 168