قوله تعالى : « وَلا يَجِدُونَ
لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً » التعرض لنفي الولي والنصير مقابلة لما قيل به من
ألوهية المسيح والملائكة.
قوله تعالى : «
يا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ
نُوراً مُبِيناً » قال الراغب : البرهان بيان للحجة ، وهو فعلان مثل الرجحان والثنيان. وقال
بعضهم : هو مصدر بره يبره إذا ابيض. انتهى ، فهو على أي حال مصدر. وربما استعمل
بمعنى الفاعل كما إذا أطلق على نفس الدليل والحجة.
والمراد بالنور
هو القرآن لا محالة بقرينة قوله «
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ » ويمكن أن يراد بالبرهان أيضا ذلك ، والجملتان إذا تؤكد إحداهما الأخرى.
ويمكن أن يراد
به النبي صلىاللهعليهوآله ، ويؤيده وقوع الآية في ذيل الآيات المبينة لصدق النبي
في رسالته ، ونزول القرآن من عند الله تعالى ، وكون الآية تفريعا لذلك ويؤيده أيضا
قوله تعالى في الآية التالية. «
وَاعْتَصَمُوا بِهِ » لما تقدم في الكلام على قوله « وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى
صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » : ( آل عمران. ١٠١ ) إن المراد بالاعتصام الأخذ بكتاب الله والاتباع
لرسوله صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : « فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ » ، بيان لثواب من اتبع برهان ربه والنور النازل من
عنده.
والآية كأنها
منتزعة من الآية السابقة المبينة لثواب الذين آمنوا وعملوا الصالحات أعني قوله « فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ
فَضْلِهِ » ، ولعله لذلك
لم يذكر هاهنا جزاء المتخلف من تبعية البرهان والنور ، لأنه بعينه ما ذكر في الآية
السابقة ، فلا حاجة إلى تكراره ثانيا بعد الإشعار بأن جزاء المتبعين هاهنا جزاء
المتبعين هنالك ، وليس هناك إلا فريقان : المتبعون والمتخلفون.
وعلى هذا فقوله
في هذه الآية : «
فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ » يحاذي قوله في تلك الآية : « فَيُوَفِّيهِمْ
أُجُورَهُمْ » وهو الجنة ، وأيضا قوله في هذه الآية : « وَفَضْلٍ » يحاذي قوله في تلك الآية : « وَيَزِيدُهُمْ مِنْ
فَضْلِهِ » وأما قوله « وَيَهْدِيهِمْ
إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً » فهو
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 152