نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 151
ثلاثة ، فإن المسيح عبد لله لن يستنكف أبدا عن عبادته ، وهذا مما لا ينكره
النصارى ، والأناجيل الدائرة عندهم صريحة في أنه كان يعبد الله تعالى ، ولا معنى
لعبادة الولد الذي هو سنخ إله ولا لعبادة الشيء لنفسه ولا لعبادة أحد الثلاثة
لثالثها الذي ينطبق وجوده على كل منها ، وقد تقدم الكلام على هذا البرهان في مباحث
المسيح عليهالسلام.
وقوله « وَلَا الْمَلائِكَةُ
الْمُقَرَّبُونَ » تعميم للكلام على الملائكة لجريان الحجة بعينها فيهم وقد قال جماعة من
المشركين ـ كمشركي العرب ـ : بكونهم بنات الله فالجملة استطرادية.
والتعبير في
الآية أعني قوله « لَنْ
يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ
الْمُقَرَّبُونَ » عن عيسى عليهالسلام بالمسيح ، وكذا توصيف الملائكة بالمقربين مشعر بالعلية
لما فيهما من معنى الوصف ، أي إن عيسى لن يستنكف عن عبادته وكيف يستنكف وهو مسيح
مبارك؟ ولا الملائكة وهم مقربون؟ ولو رجي فيهم أن يستنكفوا لم يبارك الله في هذا
ولا قرب هؤلاء ، وقد وصف الله المسيح أيضا بأنه مقرب في قوله : « وَجِيهاً فِي
الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ » : ( آل عمران : ٤٥ ).
من المسيح
والملائكة وهو في موضع التعليل أي وكيف يستنكف المسيح والملائكة المقربون عن
عبادته والحال أن الذين يستنكفون عن عبادته ويستكبرون من عباده من الإنس والجن
والملائكة يحشرون إليه جميعا ، فيجزون حسب أعمالهم ، والمسيح والملائكة يعلمون ذلك
ويؤمنون به ويتقونه.
ومن الدليل على
أن قوله : « وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ
عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ » (إلخ) في معنى أن المسيح والملائكة المقربين عالمون
بأن المستنكفين يحشرون إليه قوله «
وَيَسْتَكْبِرْ » إنما قيد به قوله «
وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ » لأن مجرد الاستنكاف لا يوجب السخط الإلهي إذا لم يكن عن استكبار كما في الجهلاء
والمستضعفين ، وأما المسيح والملائكة فإن استنكافهم لا يكون إلا عن استكبار لكونهم
عالمين بمقام ربهم ، ولذلك اكتفى بذكر الاستنكاف فحسب فيهم ، فيكون معنى تعليل هذا
بقوله : « وَمَنْ
يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ » ، أنهم عالمون بأن من يستنكف عن عبادته ( إلخ ».
وقوله « جَمِيعاً » أي صالحا وطالحا وهذا هو المصحح للتفضيل الذي يتلوه من
قوله :
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 151