responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 14

وقال تعالى : « ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ » : الآية ( النساء : ٧٩ ).

وإياك أن تظن أن الله سبحانه حين أوحى هذه الآية إلى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله نسي الحقيقة الباهرة التي أبانها بقوله : « اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ » : ( الزمر : ٦٢ ) وقوله : « الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » : ( السجدة : ٧ ) فعد كل شيء مخلوقا لنفسه حسنا في نفسه وقد قال : « وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا » : ( مريم : ٦٤ ) وقال : « لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى » ( طه : ٥٢ ) فمعنى قوله « ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ » (الآية) أن ما أصابك من حسنة ـ وكل ما أصابك حسنة ـ فمن الله ، وما أصابك من سيئة فهي سيئة بالنسبة إليك حيث لا يلائم ما تقصده وتشتهيه وإن كانت في نفسها حسنة فإنما جرتها إليك نفسك باختيارها السيئ ، واستدعتها كذلك من الله فالله أجل من أن يبدأك بشر أو ضر.

والآية كما تقدم وإن كانت خصت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخطاب لكن المعنى عام للجميع ، وبعبارة أخرى هذه الآية كالآيتين الأخريين « ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً » (الآية) « وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ » (الآية) متكفلة للخطاب الاجتماعي كتكفلها للخطاب الفردي.

فإن للمجتمع الإنساني كينونة إنسانية وإرادة واختيارا غير ما للفرد من ذلك.

فالمجتمع ذو كينونة يستهلك فيها الماضون والغابرون من أفراده ، ويؤاخذ متأخروهم بسيئات المتقدمين ، والأموات بسيئات الأحياء ، والفرد غير المقدم بذنب المقترفين للذنوب وهكذا ، وليس يصح ذلك في الفرد بحسب حكمه في نفسه أبدا ، وقد تقدم شطر من هذا الكلام في بحث أحكام الأعمال في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

فهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصيب في غزوة أحد في وجهه وثناياه ، وأصيب المسلمون بما أصيبوا ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله نبي معصوم إن أسند ما أصيب به إلى مجتمعة وقد خالفوا أمر الله ورسوله كان ذلك مصيبة سيئة أصابته بما كسبت أيدي مجتمعة وهو فيهم ، وإن أسند إلى شخصه الشريف كان ذلك محنة إلهية أصابته في سبيل الله ، وفي طريق دعوته الطاهرة إلى الله على بصيرة فإنما هي نعمة رافعة للدرجات.

وكذا كل ما أصاب قوما من السيئات إنما تستند إلى أعمالهم على ما يراه القرآن ولا يرى إلا الحق ، وأما ما أصابهم من الحسنات فمن الله سبحانه.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 5  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست