نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 117
وقوله « وَهُوَ خادِعُهُمْ » في موضع الحال أي يخادعون الله في حال هو يخدعهم ويئول
المعنى إلى أن هؤلاء يريدون بأعمالهم الصادرة عن النفاق من إظهار الإيمان ،
والاقتراب من المؤمنين ، والحضور في محاضرهم ومشاهدهم أن يخادعوا الله أي النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين فيستدروا منهم بظاهر إيمانهم وأعمالهم من غير
حقيقة ، ولا يدرون أن هذا الذي خلى بينهم وبين هذه الأعمال ولم يمنعهم منها هو
الله سبحانه ، وهو خدعة منه لهم ومجازاة لهم بسوء نياتهم وخباثة أعمالهم فخدعتهم له
بعينها خدعته لهم.
قوله تعالى : « وَإِذا قامُوا إِلَى
الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا
قَلِيلاً » هذا وصف آخر
من أوصافهم وهو القيام إلى الصلاة ـ إذا قاموا إليها ـ كسالى يراءون الناس ،
والصلاة أفضل عبادة يذكر فيها الله ، ولو كانت قلوبهم متعلقه بربهم مؤمنة به لم
يأخذهم الكسل والتواني في التوجه إليه وذكره ، ولم يعملوا عملهم لمراءاة الناس ،
ولذكروا الله تعالى كثيرا على ما هو شأن تعلق القلب واشتغال البال.
قوله تعالى : « مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ
ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ » ، قال في المجمع : يقال : ذبذبته فذبذب أي حركته فتحرك فهو كتحريك شيء معلق ( انتهى ). فكون
الشيء مذبذبا أن يتردد بين جانبين من غير تعلق بشيء منهما ، وهذا نعت المنافقين ،
يتذبذبون بين ذلك ـ أي الذي ذكر من الإيمان والكفر ـ لا إلى هؤلاء أي لا إلى المؤمنين
فقط كالمؤمنين بالحقيقة ، ولا إلى الكفار فقط كالكافرين محضا.
وقوله « وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً » في مقام التعليل لما سبقه من حديث الذبذبة ، فسبب
ترددهم بين الجانبين من غير تعلق بأحدهما أن الله أضلهم عن السبيل فلا سبيل لهم
يردونه.
ولهذه العلة
بعينها قيل : «
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ » ولم يقل : متذبذبين أي القهر الإلهي هو الذي يجر لهم هذا النوع من
التحريك الذي لا ينتهي إلى غاية ثابتة مطمئنة.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ » ( إلى آخر الآيتين ) السلطان هو الحجة. والدرك بفتحتين ـ وقد يسكن الراء ـ قال الراغب : الدرك كالدرج
لكن الدرج يقال اعتبارا بالصعود ، والدرك اعتبارا بالحدور ، ولهذا
قيل : درجات الجنة ودركات النار ، ولتصور الحدور في النار سميت هاوية ( انتهى ).
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 117