نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 101
أَنْ
تَعْدِلُوا ».
وإنما اعتبر
خوف النشوز والإعراض دون نفس تحققهما لأن الصلح يتحقق موضوعه من حين تحقق العلائم
والآثار المعقبة للخوف ، والسياق يدل على أن المراد بالصلح هو الصلح بغض المرأة عن
بعض حقوقها في الزوجية أو جميعها لجلب الأنس والألفة والموافقة ، والتحفظ عن وقوع
المفارقة ، والصلح خير.
وقوله «، وَأُحْضِرَتِ
الْأَنْفُسُ الشُّحَّ » الشح هو البخل ، معناه : أن الشح من الغرائز النفسانية التي
جبلها الله عليها لتحفظ به منافعها ، وتصونها عن الضيعة ، فما لكل نفس من الشح هو
حاضر عندها ، فالمرأة تبخل بما لها من الحقوق في الزوجية كالكسوة والنفقة والفراش
والوقاع ، والرجل يبخل بالموافقة والميل إذا أحب المفارقة ، وكره المعاشرة ، ولا
جناح عليهما حينئذ أن يصلحا ما بينهما بإغماض أحدهما أو كليهما عن بعض حقوقه.
ثم قال تعالى :
« وَإِنْ
تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً » وهو موعظة للرجال أن لا يتعدوا طريق الإحسان والتقوى
وليتذكروا أن الله خبير بما يعملونه ، ولا يحيفوا في المعاشرة ، ولا يكرهوهن على
إلغاء حقوقهن الحقة وإن كان لهن ذلك.
قوله تعالى : « وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا
أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ » بيان الحكم العدل بين النساء الذي شرع لهن على الرجال
في قوله تعالى في أول السورة «
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً » : ( النساء : ٣ ) وكذا يومئ إليه قوله في الآية
السابقة « وَإِنْ
تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا » (إلخ) فإنه لا يخلو من شوب تهديد ، وهو يوجب الحيرة في تشخيص حقيقة العدل
بينهن ، والعدل هو الوسط بين الإفراط والتفريط ، ومن الصعب المستصعب
تشخيصه ، وخاصة من حيث تعلق القلوب تعلق الحب بهن فإن الحب القلبي مما لا يتطرق
إليه الاختيار دائما.
فبين تعالى أن
العدل بين النساء بحقيقة معناه ، وهو اتخاذ حاق الوسط حقيقة مما لا يستطاع للإنسان
ولو حرص عليه ، وإنما الذي يجب على الرجل أن لا يميل كل الميل إلى أحد الطرفين وخاصة
طرف التفريط فيذر المرأة كالمعلقة لا هي ذات زوج فتستفيد من زوجها ، ولا هي أرملة
فتتزوج أو تذهب لشأنها.
فالواجب على
الرجل من العدل بين النساء أن يسوي بينهن عملا بإيتائهن حقوقهن
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 101