الآيات مرتبطة
بآيات غزوة أحد ، ويشعر بذلك قوله : ( مِنْ بَعْدِ ما
أَصابَهُمُ الْقَرْحُ ) وقد قال فيها : ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ).
قوله تعالى : « الَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » الآية الاستجابة والإجابة بمعنى واحد ـ كما قيل ـ وهي أن تسأل شيئا فتجاب
بالقبول.
ولعل ذكر الله
والرسول مع جواز الاكتفاء في المقام بذكر أحد اللفظين إنما هو لكونهم في وقعة أحد
عصوا الله والرسول ، فأما هو تعالى فقد عصوه بالفرار والتولي وقد نهاهم الله عنه
وأمر بالجهاد ، وأما الرسول فقد عصوه بمخالفة أمره الذي أصدره على الرماة بلزوم
مراكزهم وحين كانوا يصعدون وهو يدعوهم في أخراهم فلم يجيبوا دعوته ، فلما استجابوا
في هذه الوقعة وضع فيها بحذاء تلك الوقعة استجابتهم لله والرسول وقوله : « لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ » ، قصر الوعد على بعض أفراد المستجيبين لأن الاستجابة
فعل ظاهري لا يلازم حقيقة الإحسان والتقوى اللذين عليهما مدار الأجر العظيم ، وهذا
من عجيب مراقبة القرآن في بيانه حيث لا يشغله شأن عن شأن ، ومن هنا يتبين أن هؤلاء
الجماعة ما كانوا خالصين لله في أمره بل كان فيهم من لم يكن محسنا متقيا يستحق
عظيم الأجر من الله سبحانه ، وربما يقال : إن « من » في قوله : « مِنْهُمْ » بيانية كما قيل مثله في قوله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) ـ إلى أن قال ـ : ( وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 63