نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 57
مطلقا لا يختص بالمورد غير أنه لا يشمل موارد الحدود الشرعية وما يناظرها
وإلا لغا التشريع ، على أن تعقيبه بقوله : ( وَشاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ ) لا يخلو عن الإشعار بأن هذين الأمرين إنما هما في ظرف
الولاية وتدبير الأمور العامة مما يجري فيه المشاورة معهم.
وقوله : « فَإِذا عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ » ، وإذا أحبك كان وليا وناصرا لك غير خاذلك ، ولذا عقب
الآية بهذا المعنى ودعا المؤمنين أيضا إلى التوكل فقال : ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ
وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) ثم أمرهم بالتوكل بوضع سببه موضعه فقال : ( وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
) أي لإيمانهم بالله الذي لا ناصر ولا معين إلا هو.
قوله تعالى : « وَما كانَ لِنَبِيٍّ
أَنْ يَغُلَّ » ، الغل هو الخيانة ، قد مر في قوله تعالى : « ما كانَ لِبَشَرٍ
أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ » : آل عمران ـ ٧٩ ، إن هذا السياق معناه تنزيه ساحة
النبي عن السوء والفحشاء بطهارته ، والمعنى : حاشا أن يغل ويخون النبي ربه أو
الناس ( وهو أيضا من الخيانة لله ) والحال أن الخائن يلقى ربه بخيانته ثم توفى
نفسه ما كسبت.
ثم ذكر أن رمي
النبي بالخيانة قياس جائر مع الفارق فإنه متبع رضوان الله لا يعدو رضا ربه ،
والخائن باء بسخط عظيم من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ، وهذا هو المراد بقوله : ( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ
بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ ) الآية.
ويمكن أن يكون
المراد به التعريض للمؤمنين بأن هذه الأحوال من التعرض لسخط الله ، والله يدعوكم
بهذه المواعظ إلى رضوانه ، وما هما سواء.
ثم ذكر أن هذه
الطوائف من المتبعين لرضوان الله والبائين بسخط من الله درجات مختلفة ، والله بصير
بالأعمال فلا تزعموا أنه يفوته الحقير من خير أو شر فتسامحوا في اتباع رضوانه أو
البوء بسخطه.
قوله تعالى : « لَقَدْ مَنَّ اللهُ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » ، في الآية التفات آخر من خطاب المؤمنين إلى تنزيلهم منزلة الغيبة ، وقد
مر الوجه العام في هذه الموارد من الالتفات والوجه الخاص بما هاهنا أن الآية مسوقة
سوق الامتنان والمن على المؤمنين لصفة إيمانهم ولذا قيل : على المؤمنين ، ولا
يفيده غير الوصف حتى لو قيل : الذين آمنوا ، لأن المشعر
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 57