responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 47

قوله تعالى : « وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ » هذه طائفة أخرى من المؤمنين ونعني بكونهم من المؤمنين أنهم غير المنافقين الذين ذكرهم الله أخيرا بقوله : ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ ) الآية وهم الذين فارقوا جماعة المؤمنين في أول الأمر قبل القتال وانخذلوا فهؤلاء المنافقون لهم شأن آخر سينبئ الله بذلك.

وهؤلاء الطائفة الثانية الموصوفون بأنهم قد أهمتهم أنفسهم لم يكرمهم الله بما أكرم به الطائفة الأولى من العفو وإثابة الغم ثم الأمنة والنعاس بل وكلهم إلى أنفسهم فأهمتهم أنفسهم ونسوا كل شيء دونها.

وقد ذكر الله تعالى من أوصافهم وصفين اثنين وإن كان أحدهما من لوازم الآخر وفروعه ، فذكر أنهم أهمتهم أنفسهم ، وليس معناه أنهم يريدون سعادة أنفسهم بمعناها الحقيقي فإن المؤمنين أيضا لا يريدون إلا سعادة أنفسهم فالإنسان بل كل ذي همة وإرادة لا يريد إلا نفسه البتة ، بل المراد : أن ليس لهم هم إلا حفظ حياتهم الدنيا وعدم الوقوع في شبكة القتل فهم لا يريدون بدين أو غيره إلا إمتاع أنفسهم في الدنيا وإنما ينتحلون بالدين ظنا منهم أنه عامل غير مغلوب ، وأن الله لا يرضى بظهور أعدائه عليه ، وإن كانت الأسباب الظاهرية لهم فهؤلاء يستدرون الدين ما در لهم ، وإن انقلب الأمر ولم يسعدهم الجد انقلبوا على أعقابهم القهقرى.

قوله تعالى : « يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ » إلى قوله : « بِاللهِ » أي ظنوا بالله أمرا ليس بحق بل هو من ظنون الجاهلية فهم يصفونه بوصف ليس بحق بل من الأوصاف التي كان يصفه بها أهل الجاهلية ، وهذا الظن أيا ما كان هو شيء يناسبه ويلازمه قولهم : ( هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ) ، ويكشف عنه ما أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجيبهم به ، وهو قوله : ( قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ) فظاهر هذا الجواب أنهم كانوا يظنون أن بعض الأمر لهم ولذا لما غلبوا وفشا فيهم القتل تشككوا فقالوا : ( هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ).

وبذلك يظهر أن الأمر الذي كانوا يرونه لأنفسهم هو الظهور والغلبة ، وإنما كانوا يظنونه لأنفسهم من جهة إسلامهم فهم قد كانوا يظنون أن الدين الحق لا يغلب ولا يغلب المتدين به لما أن على الله أن ينصره من غير قيد وشرط وقد وعدهم به.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست