نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 45
نعم قوله تعالى
قبيل هذا : ( وَسَيَجْزِي اللهُ
الشَّاكِرِينَ ) ـ وقد مر تفسيره ـ يدل على أن منهم من لم يتزلزل في عزيمته ولم ينهزم لا في
أول الانهزام ، ولا بعد شيوع خبر قتل النبي صلىاللهعليهوآله على ما يدل عليه قوله : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ
قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ ) الآية.
ومما يدل عليه
قوله : ( وَلا تَلْوُونَ عَلى
أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ ) إن خبر قتل النبي صلىاللهعليهوآله إنما انتشر بينهم بعد انهزامهم وإصعادهم.
قوله تعالى : «
( فَأَثابَكُمْ غَمًّا
بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ ) إلخ أي جازاكم غما بغم ليصرفكم عن الحزن على كذا ، وهذا
الغم الذي أثيبوا به كيفما كان هو نعمة منه تعالى بدليل قوله : ( لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما
أَصابَكُمْ ) ، فإن الله تعالى ذم في كتابه هذا الحزن كما قال : ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ) : « الحديد ـ ٢٣ » فهذا الغم الذي يصرفهم عن ذاك الحزن
المذموم نعمة وموهبة فيكون هو الغم الطارئ عليهم من جهة الندامة على ما وقع منهم
والتحسر على ما فاتهم من النصر بسبب الفشل ، ويكون حينئذ الغم الثاني في قوله : ( بِغَمٍ ) ، الغم الآتي من قبل الحزن المذكور ، والباء للبدلية ،
والمعنى : جازاكم غما بالندامة والحسرة على فوت النصر بدل غم بالحزن على ما فاتكم
وما أصابكم.
ومن الجائز أن
يكون قوله : ( فَأَثابَكُمْ ) مضمنا معنى الإبدال فيكون المعنى : فأبدلكم غم الحزن من
غم الندامة والحسرة مثيبا لكم ، فينعكس المعنى في الغمين بالنسبة إلى المعنى
السابق.
وعلى كل من
المعنيين يكون قوله : ( فَأَثابَكُمْ ) ، تفريعا على قوله : ( وَلَقَدْ عَفا
عَنْكُمْ ) ، ويتصل به ما بعده أعني قوله : ( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ ) ، أحسن اتصال ، والترتيب : أنه عفا عنكم فأثابكم غما
بغم ليصونكم عن الحزن الذي لا يرتضيه لكم ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا.
وهاهنا وجه آخر
يساعده ظهور السياق في تفريع قوله : ( فَأَثابَكُمْ ) ، على ما يتصل به بمعنى أن يكون الغم هو ما يتضمنه قوله
: ( إِذْ تُصْعِدُونَ ) ، والمراد بقوله : ( بِغَمٍ ) هو ما أدى إليه التنازع والمعصية وهو إشراف المشركين
عليهم من ورائهم ، والباء للسببية وهذا معنى حسن ، وعلى هذا يكون المراد بقوله : ( لِكَيْلا تَحْزَنُوا ) « إلخ » :
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 45