responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 367

وأما الاستثناء فإنما هو بالنسبة إلى الأفراد ، وخروج بعض الأفراد من الحكم المحتوم على المجتمع ليس نقضا لذلك الحكم ، والمحوج إلى هذا الاستثناء أن الأفراد بوجه هم المجتمع فقوله : « فَلا يُؤْمِنُونَ » حيث نفي فيه الإيمان عن الأفراد ـ وإن كان ذلك نفيا عنهم من حيث جهة الاجتماع ـ وكان يمكن فيه أن يتوهم أن الحكم شامل لكل واحد واحد منهم بحيث لا يتخلص منه أحد استثني فقيل : ( إِلَّا قَلِيلاً ) فالآية تجري مجرى قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ) : ـ النساء : ٦٦.

قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا » إلخ الطمس محو أثر الشيء ، والوجه ما يستقبلك من الشيء ويظهر منه ، وهو من الإنسان الجانب المقدم الظاهر من الرأس وما يستقبلك منه ، ويستعمل في الأمور المعنوية كما يستعمل في الأمور الحسية ، والأدبار جمع دبر بضمتين وهو القفا ، والمراد بأصحاب السبت قوم من اليهود كانوا يعدون في السبت فلعنهم الله ومسخهم ، قال تعالى : ( وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ ) : ـ الأعراف : ١٦٣ ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها ) : ـ البقرة : ٦٦.

وقد كانت الآيات السابقة ـ كما عرفت ـ متعرضة لحال اليهود أو لحال طائفة من اليهود ، وانجر القول إلى أنهم بإزاء ما خانوا الله ورسوله ، وأفسدوا صالح دينهم ابتلوا بلعنة من الله لحق جمعهم ، وسلبهم التوفيق للإيمان إلا قليلا فعم الخطاب لجميع أهل الكتاب ـ على ما يفيده قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) ـ ودعاهم إلى الإيمان بالكتاب الذي نزله مصدقا لما معهم ، وأوعدهم بالسخط الذي يلحقهم لو تمردوا واستكبروا من غير عذر من طمس أو لعن يتبعانهم اتباعا لا ريب فيه.

وذلك ما ذكره بقوله : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ) ، فطمس الوجوه محو هذه الوجوه التي يتوجه بها البشر نحو مقاصدها الحيوية مما فيه سعادة الإنسان المترقبة والمرجوة لكن لا المحو الذي يوجب فناء الوجوه وزوالها وبطلان آثارها بل محوا يوجب ارتداد تلك الوجوه على أدبارها فهي تقصد مقاصدها على الفطرة التي فطر عليها لكن لما كانت منصوبة إلى الأقفية ومردودة على الأدبار لا تقصد

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست