نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 21
أَجْرُ
الْعامِلِينَ » الفاحشة ما تتضمن الفحش والقبيح من الأفعال ، وشاع استعماله في
الزنا ، فالمراد بالظلم بقرينة المقابلة سائر المعاصي الكبيرة والصغيرة ، أو خصوص
الصغائر على تقدير أن يراد بالفاحشة المنكر من المعاصي وهي الكبائر ، وفي قوله : ( ذَكَرُوا اللهَ ) إلخ دلالة على أن الملاك في الاستغفار أن يدعو إليه ذكر
الله تعالى دون مجرد التلفظ باعتياد ونحوه ، وقوله : ( وَمَنْ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ ) تشويق وإيقاظ لقريحة اللواذ والالتجاء في الإنسان.
وقوله : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ ) ، إنما قيد به الاستغفار لأنه يورث في النفس هيئة لا
ينفع معه ذكر مقام الرب تعالى وهي الاستهانة بأمر الله ، وعدم المبالاة بهتك
حرماته ، والاستكبار عليه تعالى ، ولا تبقى معه عبودية ولا ينفع معه ذكر ، ولذلك
بعينه قيده بقوله : ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ، وهذه قرينة على كون الظلم في صدر الآية يشمل الصغائر
أيضا ، وذلك أن الإصرار على الذنب يستوجب الاستهانة بأمر الله والتحقير لمقامه
سواء كان الذنب المذكور من الصغائر أو الكبائر ، فقوله : ( ما فَعَلُوا ) أعم من الكبيرة ، والمراد بما فعلوا هو الذي ذكر في صدر
الآية ، وإذ ليست الصغيرة فاحشة فهو ظلم النفس لا محالة.
وقوله : ( أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ ) بيان لأجرهم الجزيل ، وما ذكره تعالى في هذه الآية هو
عين ما أمر بالمسارعة إليه في قوله : ( وَسارِعُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ) إلخ ومن ذلك يعلم أن الأمر إنما كان بالمسارعة إلى
الإنفاق وكظم الغيظ والعفو عن الناس والاستغفار.
قوله تعالى : « قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا » ، السنن جمع سنة وهي الطريقة المسلوكة في المجتمع ، والأمر
بالسير في الأرض لمكان الاعتبار بآثار الماضين من الأمم الغابرة ، والملوك
والفراعنة الطاغية حيث لم ينفعهم شواهق قصورهم ، ولا ذخائر كنوزهم ، ولا عروشهم
ولا جموعهم ، وقد جعلهم الله أحاديث يعتبر بها المعتبرون ، ويتفكه بها المغفلون.
وأما حفظ
آثارهم وكلاءة تماثيلهم والجهد في الكشف عن عظمتهم ومجدهم الظاهر الدنيوي الذي في
أيامهم فمما لا يعتني به القرآن ، فإنما هي الوثنية التي لا تزال تظهر كل حين في
لباس ، وسنبحث إن شاء الله في هذا المعنى في بحث مستقل نحلل فيه معنى الوثنية.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 21