نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 19
فنهم ويسعدوا في جدهم.
وهذا الذي
ذكرناه من الحقائق القرآنية اللائحة للمتدبر الدقيق في بادئ مرة فتراه سبحانه ينزل
كليات الجهاد مثلا في آياته بادئ مرة : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الْقِتالُ ) الآيات : « البقرة » ٢١٦ ويأمر المؤمنين به فيها ثم
يأخذ قصة بدر ثانيا ويأمرهم بما يبين لهم فيها ثم قصة أحد ثم قصة أخرى وهكذا ،
وتراه سبحانه يقص قصص السابقين من الأنبياء وأممهم ثم يجعلها بعد إصلاحها وبيان
وجه الحق فيها عبرة للاحقين ودستورا لعملهم وهكذا ، وقد نزل في هذه الآيات من هذا
القبيل قوله : ( فَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ ) الآية ، وقوله : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ
نَبِيٍ ) الآيات ..
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا » إلى آخر الآيات الثلاث قد مر سابقا وجه إطلاق الأكل
وإرادة الأخذ ، وقوله : ( أَضْعافاً مُضاعَفَةً
) يشير إلى الوصف الغالب في الربا فإنه بحسب الطبع يتضاعف
فيصير المال أضعافا مضاعفة بإنفاد مال الغير وضمه إلى رأس المال الربوي.
وفي قوله : ( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ
لِلْكافِرِينَ ) ، إشارة إلى كفر آكل الربا كما مر في سورة البقرة في
آيات الربا : ( وَاللهُ لا يُحِبُّ
كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) : « البقرة : ٢٧٦ ».
قوله تعالى : « سارِعُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ » ، المسارعة هي الاشتداد في السرعة وهي ممدوحة في الخيرات ، ومذمومة
في الشرور.
وقد قورن في
القرآن الكريم المغفرة بالجنة في غالب الموارد ، وليس إلا لأن الجنة دار طهارة لا
يدخل فيها قذارات المعاصي والذنوب وأدرانها ، ولا من تقذر بها إلا بعد المغفرة
والإزالة.
والمغفرة
والجنة المذكورتان في هذه الآية تحاذيان ما في الآيتين التاليتين ، أما المغفرة
فتحاذي ما في قوله : ( وَالَّذِينَ إِذا
فَعَلُوا فاحِشَةً ) ، وأما الجنة فتحاذي ما في قوله : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ ).
وأما قوله : ( جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) ، فالمراد بالعرض السعة وهو استعمال شائع ، وكان
التعبير كناية عن بلوغها في السعة غايتها أو ما لا يحدها الوهم البشري ، وله معنى
آخر سنشير إليه في البحث الروائي الآتي.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 19