نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 136
ونفي الفرق بينهم من جهة انتهاء تكون كل واحد منهم إلى أب وأم إنسانين فلا
ينبغي أن يتكبر أحدهم على الآخرين ولا يتكرم إلا بالتقوى ، وأما آية النساء فهي في
مقام بيان اتحاد أفراد الإنسان من حيث الحقيقة ، وأنهم على كثرتهم رجالا ونساء
إنما اشتقوا من أصل واحد وتشعبوا من منشإ واحد فصاروا كثيرا على ما هو ظاهر قوله :
( وَبَثَّ مِنْهُما
رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً ) ، وهذا المعنى كما ترى لا يناسب كون المراد من النفس
الواحدة وزوجها مطلق الذكر والأنثى الناسلين من الإنسان على أنه لا يناسب غرض
السورة أيضا كما تقدم بيانه.
وأما قوله : ( وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ) فقد قال الراغب : يقال لكل واحد من القرينين من الذكر
والأنثى في الحيوانات المتزاوجة : زوج ، ولكل قرينين فيها وفي غيرها : زوج كالخف والنعل ،
ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا : زوج ، إلى أن قال : وزوجه لغة رديئة ،
انتهى.
وظاهر الجملة
أعني قوله : ( وَخَلَقَ مِنْها
زَوْجَها ) أنها بيان لكون زوجها من نوعها بالتماثل وأن هؤلاء
الأفراد المبثوثين مرجعهم جميعا إلى فردين متماثلين متشابهين فلفظة من نشوئية
والآية في مساق قوله تعالى : ( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) : الروم ٢١ ، وقوله تعالى : ( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) : النحل ٧٢ ، وقوله تعالى : ( فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ
مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) : الشورى ١١ ، ونظيرها قوله : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ ) : الذاريات ٤٩ ، فما في بعض التفاسير : أن المراد
بالآية كون زوج هذه النفس مشتقة منها وخلقها من بعضها وفاقا لما في بعض الأخبار :
أن الله خلق زوجة آدم من ضلع من أضلاعه مما لا دليل عليه من الآية.
وأما قوله : ( وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً ) ، البث هو التفريق بالإثارة ونحوها قال تعالى : ( فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا ) : الواقعة ٦ ، ومنه بث الغم ولذلك ربما يطلق البث ويراد
به الغم لأنه مبثوث يبثه الإنسان بالطبع ، قال تعالى : ( قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى
اللهِ ) : يوسف ٨٦ ، أي غمي وحزني.
وظاهر الآية أن
النسل الموجود من الإنسان ينتهي إلى آدم وزوجته من غير
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 136