نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 135
وجودهم وبقائهم فرادى ومجتمعين.
ومن هناك تظهر
نكتة توجيه الخطاب إلى الناس دون المؤمنين خاصة وكذا تعليق التقوى بربهم دون أن
يقال : ( اتَّقُوا اللهَ ) ونحوه فإن الوصف الذي ذكروا به أعني قوله : ( الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ) « إلخ » يعم جميع الناس من غير أن يختص بالمؤمنين ، وهو
من أوصاف الربوبية التي تتكفل أمر التدبير والتكميل لا من شئون الألوهية.
وأما قوله
تعالى : « الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ » « إلخ » فالنفس على ما يستفاد من اللغة عين الشيء يقال : جاءني فلان
نفسه وعينه وإن كان منشأ تعين الكلمتين ـ النفس والعين ـ لهذا المعنى ( ما به
الشيء شيء ) مختلفا ، ونفس الإنسان هو ما به الإنسان إنسان ، وهو مجموع روح
الإنسان وجسمه في هذه الحياة الدنيا والروح وحدها في الحياة البرزخية على ما تحقق
فيما تقدم من البحث في قوله تعالى : ( وَلا تَقُولُوا
لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ ) الآية : « البقرة : ١٥٤ ».
وظاهر السياق
أن المراد بالنفس الواحدة آدم عليهالسلام ، ومن زوجها زوجته ، وهما أبوا هذا النسل الموجود الذي
نحن منه وإليهما ننتهي جميعا على ما هو ظاهر القرآن الكريم كما في قوله تعالى : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ
مِنْها زَوْجَها ) ، : « الزمر : ٦ » وقوله تعالى : ( يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ
الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ) : « الأعراف : ٢٧ » ، وقوله تعالى : حكاية عن إبليس : ( لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً ) : « إسراء : ٦٢ ».
وأما ما احتمله
بعض المفسرين أن المراد بالنفس الواحدة وزوجها في الآية مطلق الذكور والإناث من
الإنسان الزوجين اللذين عليهما مدار النسل فيئول المعنى إلى نحو قولنا : خلق كل
واحد منكم من أب وأم بشرين من غير فرق في ذلك بينكم فيناظر قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) : « الحجرات : ١٣ » ، حيث إن ظاهره نفي الفرق بين
الأفراد من جهة تولد كل واحد منهم من زوجين من نوعه : ذكر وأنثى.
ففيه فساد ظاهر
وقد فاته أن بين الآيتين أعني آية النساء وآية الحجرات فرقا بينا فإن آية الحجرات
في مقام بيان اتحاد أفراد الإنسان من حيث الحقيقة الإنسانية ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 4 صفحه : 135