responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 91

ومنه تسمية العادة دأباً لأنه سير مستمر ، وهذا المعنى هو المراد في الآية.

وقوله : كدأب ، متعلق بمقدر يدل عليه قوله في الآية السابقة : لن تغني عنهم ، ويفسر الدأب قوله : كذبوا بآياتنا وهو في موضع الحال ؛ وتقدير الكلام كما مرت اليه الإشارة : إن الذين كفروا و كذبوا بآياتنا واستمروا عليها دائبين فزعموا أن في أموالهم وأولادهم غنى لهم من الله كدأب آل فرعون ومن قبلهم وقد كذبوا بآياتنا.

وقوله : فأخذهم الله بذنوبهم ، ظاهر الباء أنها تفيد السببية ، يقال : أخذته بذنبه أي بسبب ذنبه لكن مقتضى المحاذاة التي بين الآيتين ؛ وقياسه حال هؤلاء الذين كفروا في دأبهم على آل فرعون والذين من قبلهم في دأبهم أن يكون البناء للآلة ، فإنه ذكر في الذين كفروا أنهم وقود النار تشتعل عليهم أنفسهم ويعذبون بها فكذلك آل فرعون ومن قبلهم إنما أخذوا بذنوبهم وكان العذاب الذي حل بساحتهم هو عين الذنوب التي اذنبوها ، وكان مكرهم هو الحائق بهم ، وظلمهم عائداً إليهم ، قال تعالى : (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) الفاطر ـ ٤٣ ، وقال تعالى : (ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) البقرة ـ ٥٧.

ومن هنا يتبين معنى كونه شديد العقاب ، فإن عقابه تعالى لا يقصد الإنسان ولا يتوجه إليه من جهة دون جهة ، وفي محل دون محل ، وعلى شرط دون شرط كما أن عقاب غيره كذلك فإن الشر الذي يوجهه إلى الإنسان مثله مثلاًً إنما يتوجه إليه من بعض الجهات دون بعض كفوق وتحت ، وفي بعض الأماكن دون بعض فيدفع بالفرار والتوقي والإلتجاء مثلاًً ، وهذا بخلاف عقاب تعالى فإنه يأخذ الإنسان بعمله وذنبه وهو مع الإنسان في باطنه وظاهره من غير أن ينفك عنه ، ويجعل الإنسان وقوداً لنار أحاط به سرداقها ، ولا ينفعه فرار ولا قرار ولا ، يوجد منه مناص ولا خلاص ، فهو شديد العقاب.

وفي قوله تعالى : (كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ ) ، التفات من الغيبة إلى الحضور أولاً ثم من الحضور إلى الغيبة ثانياً أما قوله : كذبوا بآياتنا ففيه تنشيط لذهن السامع وتقريب للخبر إلى الصدق فإنه بمنزلة أن يقول القائل : إن فلاناً بذي فحاش سيىء المحاضرة وقد ابتليت به فيجب الاجتناب عن معاشرته ؛ فجملة : وقد ابتليت به

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست