نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 43
٢ ـ ما معنى كون
المحكمات ام الكتاب؟
ذكر جماعة : أن كون الآيات المحكمة ام الكتاب
كونها أصلاً في الكتاب عليه تبتني قواعد الدين واركانها فيؤمن بها ويعمل بها ، وليس
الدين إلا مجموعاً ، من الاعتقاد والعمل ، وأما الآيات المتشابهة فهي لتزلزل مرادها
وتشابه مدلولها لا يعمل بها بل إنما يؤمن بها إيماناً.
وأنت بالتأمل فيما تقدم من الأقوال تعلم
أن هذا لازم بعض الأقوال المتقدمة ، وهي التي ترى أن المتشابه إنما صار متشابهاً لاشتماله
على تأويل يتعذر الوصول إليه وفهمه ، أو أن المتشابه يمكن حصول العلم به ورفع تشابهه
في الجملة أو بالجملة بالرجوع إلى عقل أو لغة أو طريقة عقلائية يستراح إليها في رفع
الشبهات اللفظية.
وقال آخرون : أن معنى امومة المحكمات رجوع
المتشابهات إليها وكلامهم مختلف في تفسير هذا الرجوع ، فظاهر بعضهم : أن المراد بالرجوع
هو قصر المتشابهات على الإيمان والاتباع العملي في مواردها للمحكم كالآية المنسوخة
يؤمن بها ويرجع في موردها إلى العمل بالناسخة ، وهذا القول لا يغاير القول الأول كثير
مغائرة ، وظاهر بعض آخر أن معناها كون المحكمات مبينة للمتشابهات ، رافعة لتشابهها.
والحق هو المعنى الثالث ، فإن معنى الامومة
الذي تدل عليه قوله هن ام الكتاب ـ الآية ـ يتضمن عناية زائدة وهو أخص من معنى الأصل
الذي فسرت به الام في القول الأول ، فإن في هذه اللفظة أعني لفظة الام عناية بالرجوع
الذي فيه انتشاء واشتقاق وتبعض ، فلا تخلو اللفظة عن الدلالة على كون المتشابهات ذات
مداليل ترجع وتتفرع على المحكمات ، ولازمه كون المحكمات مبينة للمتشابهات.
على أن المتشابه إنما كان متشابهاً لتشابه
مراده لا لكونه ذا تأويل ، فإن التأويل كما مر يوجد للمحكم كما يوجد للمتشابه ، والقرآن
يفسر بعضه بعضاً ، فللمتشابه مفسر وليس الا المحكم ، مثال ذلك قوله تعالى : (إِلَى رَبِّهَا
نَاظِرَةٌ )
القيامة ـ ٢٣ ، فإنه آية متشابهة ، وبإرجاعها إلى قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ)
الشورى ـ ١١ ، وقوله تعالى : (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) الأنعام ـ ١٠٣ ، يتبين : أن المراد بها
نظرة ورؤية من غير سنخ رؤية البصر الحسي ، وقد قال تعالى : (مَا كَذَبَ
الْفُؤَادُ مَا رَأَى
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 43