responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 374

من حيث الأبدان وقدم التفرق على الاختلاف لأنه كالمقدمة المؤدية إليه لأن القوم مهما كانوا مجتمعين متواصلين اتصلت عقائد بعضهم ببعض واتحدت بالتماس والتفاعل ، وحفظهم ذلك من الاختلاف فإذا تفرقوا وانقطع بعضهم عن بعض أداهم ذلك إلى اختلاف المشارب والمسالك ، ولم يلبثوا دون أن يستقل أفكارهم وآرائهم بعضها عن بعض ، وبرز فيهم الفرقة ، وانشق عصا الوحدة فكأنه تعالى يقول : (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ بالأبدان ) أولاً ، وخرجوا من الجماعة ، وأفضاهم ذلك إلى اختلاف العقائد و الآراء أخيراً.

وقد نسب تعالى هذا الاختلاف في موارد من كلامه إلى البغي. قال تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) البقرة ـ ٢١٣ ، مع أن ظهور الاختلاف في العقائد والآراء ضروري بين الأفراد لاختلاف الأفهام لكن كما أن ظهور هذا الاختلاف ضروري كذلك دفع الاجتماع لذلك ، ورده المختلفين إلى ساحة الاتحاد أيضاً ضروري فرفع الاختلاف ممكن مقدور بالواسطة ، وإعراض الامة عن ذلك بغي منهم ، وإلقاء لأنفسهم في تهلكة الاختلاف.

وقد أكد القرآن الدعوة إلى الاتحاد ، وبالغ في النهي عن الاختلاف ؛ وليس ذلك إلا لما كان يتفرس من أمر هذه الأمة ، أنهم سيختلفون كالذين من قبلهم بل يزيدون عليهم في ذلك ، وقد تقدم مراراً أن من دأب القرآن أنه إذا بالغ في التحذير عن شيء والنهي عن اقترافه كان ذلك آية وقوعه وارتكابه ، وهذا أمر أخبر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً كما أخبر به القرآن وأن الاختلاف سيدب في أمته ثم يظهر في صورة الفرق المتنوعة ، وأن امته ستختلف كما اختلفت اليهود والنصارى من قبل وسيجيء الرواية في البحث الروائي.

وقد صدق جريان الحوادث هذه الملحمة القرآنية فلم تلبث الامة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون أن تفرقوا شذر مدر ، واختلفوا في مذاهب شتى بعضهم يكفر بعضاً من لدن عصر الصحابة إلى يومنا هذا ، وكلما رام أحد أن يوفق بين مختلفين منها أولد ذلك مذهباً ثالثاً.

والذي يهدينا إليه البحث بالتحليل والتجزية أن أصل هذا الاختلاف ينتهي إلى المنافقين الذين يغلظ القرآن القول فيهم وعليهم ويستعظم مكرهم وكيدهم فإنك لو

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست