responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 367

( بيان )

الآيات من تتمة ما خاطب به المؤمنين بالتحذير من أهل الكتاب وتفتينهم ، وأن عندهم ما يمكنهم أن يعتصموا به فلا يضلوا ولا يسقطوا في حفر المهالك ، وهي مع ذلك كلام اعتقبه كلام ، ولا تغير السياق السابق أعني أن التعرض لحال أهل الكتاب لم يختتم بعد ، والدليل على ذلك قوله تعالى بعد هذه الآيات : لن يضروكم إلا أذى « الخ ».

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) ، قد مر فيما مر أن التقوى وهو نوع من الاحتراز إذا كان تقوى الله سبحانه كان تجنباً وتحرزاً من عذابه كما قال تعالى : (فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) البقرة ـ ٢٤ ، وذلك إنما يتحقق بالجري على ما يريده ويرتضيه فهو امتثال أوامره تعالى ، والانتهاء عن نواهيه ، والشكر لنعمه ، والصبر عند بلائه ، ويرجع الاخيران جميعاً إلى الشكر بمعنى وضع الشيء موضعه وبالجملة تقوى الله سبحانه أن يطاع ولا يعصى ويخضع له فيما أعطى أو منع.

لكنه إذا أخذ التقوى حق التقوى الذي لا يشوبه باطل فاسد من سنخه كان محض العبودية التي لا تشوبها إنية وغفلة ، وهي الطاعة من غير معصية ، والشكر من غير كفر والذكر من غير نسيان ، وهو الاسلام الحق أعني الدرجة العليا من درجاته ؛ وعلى هذا يرجع معنى قوله : ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون إلى نحو قولنا : ودوموا على هذه الحال ( حق التقوى ) حتى تموتوا.

وهذا المعنى غير ما يستفاد من قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن ـ ١٦ ، فإن هذه الآية في معنى أن لا تذروا التقوى في شيء مما تستطيعونه غير أن الاستطاعة تختلف باختلاف قوى الأشخاص وأفهامهم وهممهم ، ولا ريب أن حق التقوى بالمعنى الذي ذكرناه ليس في وسع كثير من الناس ، فإن في هذا المسير الباطني مواقف ومعاهد ومخاطر لا يعقلها إلا العالمون ، ودقائق ولطائف لا يتنبه لها إلا المخلصون ، فرب مرحلة من مراحل التقوى لا يصدق الفهم العامي بكونها مما تستطيعه النفس الإنسانية فيجزم بكونها غير مستطاعة وإن كان أهل التقوى الحقة خلفوها وراء ظهورهم ، وأقبلوا بهممهم على ما هو أشق وأصعب.

فقوله : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) الآية كلام يتلقاه الأفهام المختلفة بمعان مختلفة على

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست