responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 295

كما يقول القرآن الكريم ومن المعلوم أن مخالفة نهي ما في الأكل من الشجرة ليس يحل محل الكفر بالله العظيم وما يشابه ذلك فلا وجه لجعل عقابه وتبعته هو العذاب المؤبد ( راجع بحث الافعال السابق الذكر ).

وخامساً : ما ذكروه من وقوع الإشكال ، وحدوث التزاحم بين صفة الرحمة وصفة العدل ثم الاحتيال إلى رفعه بنزول المسيح وصعوده بالوجه الذي ذكروه. والمتأمل في هذا الكلام وما يستتبعه من اللوازم يجد أنهم يرون أن الله تعالى وتقدس موجود خالق ينسب وينتهي إليه هذا العالم المخلوق بجميع أجزائه غير أنه إنما يفعل بإرادة وعلم في نفسه ، وإرادته في تحققها تتوقف إلى ترجيح علمي كما أن الإنسان إنما يريد شيئاً إذا رجحه بعلمه ، فهناك مصالح ومفاسد يطبق الله أفعاله عليها فيفعلها ، وربما أخطأ في التطبيق فندم [١] على الفعل ، وربما فكر في أمر ولم يهتد إلى طريق صلاحه ، وربما جهل أمراً ، وبالجملة هو تعالى في أوصافه وأفعاله كالإنسان إنما يفعل ما يفعل بالتفكر والتروي ويروم فيه تطبيق فعله على المصلحة فهو محكوم بحكم المصالح ومقهور بعملها فيه من الخارج ، ويمكن له الاهتداء إلى الصلاح ويمكن له الضلال والاشتباه والغفلة فربما يعلم وربما يجهل ، وربما يغلب وربما يغلب عليه فقدرته محدودة كعلمه ، وإذا جاز عليه هذا الذي ذكر جاز عليه سائر ما يطرأ الفاعل المتفكر المريد في فعله من سرور وحزن وحمد وندم وابتهاج وانفعال وغير ذلك ، والذي هذا شأنه يكون موجوداً مادياً جسمانياً واقعاً تحت ناموس الحركة والتغير والاستكمال ، والذي هو كذلك ممكن مخلوق بل إنسان مصنوع ، وليس بالواجب تعالى ، الخالق لكل شيء.

وأنت بالرجوع إلى كتب العهدين تجد صدق جميع ما نسبناه إليهم في الواجب تعالى من جسميته واتصافه بجميع أوصاف الجسمانيات وخاصة الإنسان.

والقرآن في جميع هذه المعاني المذكورة ينزه الله تعالى عن هذه الأوهام الخرافية ، كما يقول تعالى : (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الصافات ـ ١٥٩ ، والبراهين العقلية القاطعة قائمة على أنه تعالى ذات مستجمع لجميع صفات الكمال فله الوجود من غير شائبة عدم ،


[١] في الإصحاح السادس من صفر التكوين من التوراة : وكره الله خلقة ولد آدم على الأرض ( التوراة العربية مطبوعة سنة ١٨١١ الميلادية )

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست