responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 29

وفي قولهم : آمنا به كل من عند ربنا ذكر الدليل والنتيجة معاً فإن كون المحكم والمتشابه جميعاً من عند الله تعالى يوجب الإيمان بالكل : محكمه ومتشابهه ، ووضوح المراد في المحكم يوجب اتباعه عملاً ، والتوقف في المتشابه من غير رده لأنه من عند الله ولا يجوز اتباع ما ينافي المحكم من معانيه المتشابهة لسطوع البيان في المحكم فيجب أن يتبع من معانيه المحتملة ما يوافق معنى المحكم ، وهذا بعينه إرجاع المتشابه إلى المحكم فقوله : كل من عند ربنا بمنزلة الدليل على الأمرين جميعاً ، أعني : الإيمان والعمل في المحكم ، والإيمان فقط في المتشابه والرجوع في العمل إلى المحكم.

قوله تعالى : (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) ، التذكر هو الانتقال إلى دليل الشيء لاستنتاجه ، ولما كان قولهم : كل من عند ربنا كما مر استدلالاً منهم وانتقالاً لما يدل على فعلهم سماه الله تعالى تذكراً ومدحهم به.

والألباب جمع لب وهو العقل الزكي الخالص من الشوائب ، وقد مدحهم الله تعالى مدحاً جميلاً في موارد من كلامه ، وعرَّفهم بأنهم أهل الإيمان بالله والإنابه إليه واتباع أحسن القول ، ثم وصفهم بأنهم على ذكر من ربهم دائماً فأعقب ذلك أنهم أهل التذكر أي الانتقال إلى المعارف الحقة بالدليل وأهل الحكمة والمعرفة ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) الزمر ـ ١٨ ، وقال تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ) آل عمران ـ ١٩١ وهذا الذكر الدائم وما يتبعه من التذلل والخضوع هو الانابة الموجبة لتذكرهم بآيات الله وانتقالهم إلى المعارف الحقة كما قال تعالى : (وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ ) الغافر ـ ١٣، وقد قال : (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) البقره ـ ٢٦٩ ، آل عمران ـ ٧.

قوله تعالى : (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) ، وهذا من آثار رسوخهم في العلم فإنهم لما علموا بمقام ربهم ، وعقلوا عن الله سبحانه أيقنوا أن الملك لله وحده ، وأنهم لا يملكون لأنفسهم شيئاًً فمن الجائز أن يزيغ قلوبهم بعد رسوخ العلم فالتجأوا إلى ربهم ، وسألوه أن لا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم ، وأن يهب لهم من لدنه رحمة تبقى لهم هذه النعمة ، ويعينهم على السير في

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست