responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 264

العهد الذي منه عهد الله تعالى.

وقوله : (فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) من قبيل وضع الكبرى موضع الصغرى إيثاراً للإيجاز ، والتقدير فإن الله يحبه لأنه متق والله يحب المتقين ، والمراد أن كرامة الله لعباده المتقين حبه لهم لا ما زعمتموه من نفي السبيل.

فمفاد الكلام أن الكرامة الإلهية ليست بذاك المبتذل السهل التناول حتى ينالها كل من انتسب إليه انتساباً أو يحسبها كل محتال أو مختال كرامة جنسية أو قومية بل يشترط في نيلها الوفاء بعهد الله وميثاقه والتقوى في الدين فإذا تمت الشرائط حصلت الكرامة وهي المحبة والولاية الإلهية التي لا تعدو عباده المتقين ، وأثرها النصرة الإلهية والحيوة السعيدة التي تعمر الدنيا وتصلح بال أهلها ، وترفع درجات الآخرة.

فهذه هي الكرامة الإلهية لا أن يحمل قوماً على أكتاف عباده من صالح وطالح ويطلقهم ويخلي بينهم وبين ما يشائون وما يعملون فيقولوا يوماً : ليس علينا في الاميين سبيل ، ويوماً : ( نحن أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ) [١] ويوما نحن أبناء الله وأحبائه [٢] فيهديهم ذلك إلى إفساد الأرض ، وإهلاك الحرث والنسل.

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) تعليل للحكم المذكور في الآية السابقة ، والمعنى أن الكرامة الإلهية خاصة بمن أوفى بعهده واتقى لأن غيرهم ـ وهم : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ) ـ لا كرامة لهم.

ولما كان نقض عهد الله وترك التقوى إنما هو للتمتع بزخارف الدنيا وإيثار شهوات الأولى على الاخرى كان فيه وضع متاع الدنيا موضع إيفاء العهد والتقوى ، وتبديل العهد به ، ولذلك شبه عملهم ذلك بالمعاملة فجعل عهد الله مبيعاً يشترى بالمتاع ، وسمى متاع الدنيا وهو قليل بالثمن القليل ، والاشتراء هو البيع فقيل : يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمناً قليلاً ، أي يبدلون العهد والإيمان من متاع الدنيا.

قوله تعالى : أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله إلى آخر الآية ،


[١] قال تعالى : (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ الآية ) الجمعة ـ ١.

[٢] قال تعالى : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ الآية ) المائدة ـ ١٨

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست