نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 205
أي إن الله ربكم معشر
الامة ورب رسوله الذي أرسله اليكم ، فيجب عليكم أن تتقوه بالإيمان ، وأن تطيعوني بالاتباع
، وبالجملة يجب عليكم أن تعبدوه بالتقوى وطاعة الرسول أي الإيمان والاتباع ، فهذا هو
المستفاد من هذا الكلام ، ولذا بدّل التقوى والإطاعة في التعليل من قوله : فاعبدوه
وإنما فعل ذلك ليتضح ارتباط الأمر بالله لظهور الارتباط به في العبودية ثم ذكر أن هذه
العبادة صراط مستقيم فجعله سبيلاً ينتهي بسالكه إلى الله سبحانه.
ثم لما أحس منهم الكفر ولاحت أسباب اليأس
من إيمان عامتهم قال من أنصاري إلى الله فطلب أنصاراً لسلوك هذا الصراط المستقيم الذي
كان يندب إليه ، وهو العبودية أعني التقوى والإطاعة فأجابه الحواريون بعين ما طلبه
فقالوا : نحن أنصار الله ، ثم ذكروا ما هو كالتفسير له فقالوا : آمنا بالله وأشهد بأنا
مسلمون ، ومرادهم بالإسلام إطاعته وتبعيته ، ولذا لما خاطبوا ، ربهم خطاب تذلل والتجاء
، وذكروا له ما وعدوا به عيسى عليهالسلام
قالوا : (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا
الرَّسُولَ)
، فبدلوا الإسلام من الاتباع ، ووسعوا في الإيمان بتقييده بجميع ما أنزل الله.
فأفاد ذلك أنهم آمنوا بجميع ما أنزل الله
مما علمه عيسى بن مريم من الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، واتبعوا الرسول في ذلك
، وهذا كما ترى ليس أول درجة من الإيمان بل من أعلى درجاته وأسماها.
وإنما استشهدوا عيسى عليهالسلام في إسلامهم واتباعهم ولم يقولوا : آمنا
بالله وإنا مسلمون أو ما يفيد معناه ليكونوا على حجة في عرضهم حالهم على ربهم إذ قالوا
: ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول ، فكأنهم قالوا : ربنا حالنا هذا الحال ، ويشهد
بذلك رسولك.
قوله
تعالى :(رَبَّنَا آمَنَّا
بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) ، مقول قول الحواريين حذف القول من اللفظ
للدلالة على حكاية نفس الواقعة وهو من الأساليب اللطيفة في القرآن الكريم ، وقد مر
بيانه ، وقد سألوا ربهم أن يكتبهم من الشاهدين ، وفرّعوا ذلك على إيمانهم وإسلامهم
جميعاً لأن تبليغ الرسول رسالته إنما يتحقق ببيانه ما أنزله الله عليه قولاً وفعلاً
، أي بتعليمه معالم الدين وعمله بها ، فالشهادة على التبليغ
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 205