نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 204
قوله : أنصاري إلى الله
جارياً مجرى التضمين كما مر فإنه يفيد معنى السلوك في الطريق إلى الله ، والإيمان طريق.
وهل هذا أول إيمانهم بعيسى عليهالسلام ربما استفيد من قوله تعالى : (كَمَا
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ
قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ ) الصف ـ ١٤ ، أنه إيمان بعد إيمان ، ولا
ضير فيه كما يظهر بالرجوع إلى ما أوضحناه من كون الإيمان والإسلام ذوي مراتب مختلفة
بعضها فوق بعض.
بل ربما دل قوله تعالى : (وَإِذْ
أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ
آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)
المائدة ـ ١١١ ، أن إجابتهم إنما كانت بوحي من الله تعالى إليهم ، وأنهم كانوا أنبياء
فيكون الإيمان الذي أجابوه به هو الإيمان بعد الإيمان.
على أن قولهم : وأشهد بأننا مسلمون : (رَبَّنَا
آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) ، وهذا الإسلام هو التسليم المطلق لجميع
ما يريده الله تعالى منهم وفيهم ـ يدل أيضاً على ذلك فإن هذا الإسلام لا يتأتى إلا
من خلص المؤمنين لا من كل من شهد بالتوحيد والنبوة مجرد شهادة ، بيان ذلك أنه قد مر
في البحث عن مراتب الإيمان والإسلام : أن كل مرتبة من الإيمان تسبقها مرتبة من مراتب
الإسلام كما يدل عليه قولهم : آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ، حيث أتوا في الإيمان
بالفعل وفي الإسلام بالصفة فأول مراتب الإسلام هو التسليم والشهادة على أصل الدين إجمالاً
، ويتلوه الاذعان القلبي بهذه الشهادة الصورية في الجملة ، ويتلوه ( وهو المرتبة الثانية
من الإسلام ) التسليم القلبي لمعنى الإيمان وينقطع عنده السخط والاعتراض الباطني بالنسبة
إلى جميع ما يأمر به الله ورسوله وهو الاتباع العملي في الدين ، ويتلوه ( وهو المرتبة
الثانية من الإيمان ) خلوص العمل واستقرار وصف العبودية في جميع الأعمال والأفعال ويتلوه
( وهو المرتبة الثالثة من الإسلام ) التسليم لمحبة الله وإرادته تعالى فلا يحب ولا
يريد شيئاًً إلا بالله ، ولا يقع هناك إلا ما أحبه الله وأراده ولا خبر عن محبة العبد
وإرادته في نفسه ، ويتلوه ( وهو المرتبة الثالثة من الإيمان ) شيوع هذا التسليم العبودي
في جميع الأعمال.
فإذا تذكرت هذا الذي ذكرناه ، وتأملت في
قوله عليهالسلام فيما نقل من
دعوته : (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ
هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) الآية ، وجدت أنه عليهالسلام أمر أولاً بتقوى الله وإطاعة نفسه ثم علل
ذلك بقوله : إِنَّ
اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 204