فظهر أن بشارة جبرئيل هي عين بشارة من هو
تحت أمره من جماعة الملائكة وهو من سادات الملائكة ومقربيهم على ما يدل عليه قوله تعالى
: ( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع
ثم أمين )
التكوير ـ ٢١ ، وسيأتي زيادة توضيح لهذا الكلام في سورة فاطر انشاء الله تعالى.
ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى في الآية التالية
: قال كذلك الله يفعل ما يشاء ، فإن ظاهره أن القائل هو الله سبحانه مع أنه نسب هذا
القول في سورة مريم في القصة إلى الروح ، قال تعالى : (قَالَ إِنَّمَا
أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي
غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ
هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ الآيات ) مريم ـ ٢١.
وفي تكلم الملائكة والروح مع مريم دلالة
على كونها محدثة بل قوله تعالى في سورة مريم في القصة بعينها : (فَأَرْسَلْنَا
إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) مريم ـ ١٧ ، يدل على معاينتها الملك زيادة
على سماعها صوته ، وسيجيء تمام الكلام في المعنى في البحث الروائي الآتي إنشاء الله.
قوله
تعالى :(بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ )
؛ قد مر البحث في معنى كلامه تعالى في تفسير قوله : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)
البقرة ـ ٢٥٣.
والكلمة والكلم كالتمرة والتمر جنس وفرد
وتطلق الكلمة على اللفظ الواحد الدال على المعنى ، وعلى الجملة سواء صح السكوت عليها
مثل زيد قائم أو لم يصح مثل إن كان زيد قائماً ، هذا بحسب اللغة ، وأما بحسب ما يصطلح
عليه القرآن أعني الكلمة المنسوبة إلى الله تعالى فهي الذي يظهر به ما أراده الله تعالى
من أمر نحو كلمة الإيجاد وهو قوله تعالى لشيء أراده : كن ، أو كلمة الوحي والإلهام
ونحو ذلك.
وأما المراد بالكلمة فقد قيل : إن المراد
به المسيح عليهالسلام من جهة أن من
سبقه من الأنبياء أو خصوص أنبياء بني إسرائيل ؛ بشروا به بعنوان أنه منجي بني إسرائيل
يقال في نظير المورد هذه كلمتي التي كنت أقولها ونظيره قوله تعالى في ظهور موسى
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 192