قوله
تعالى :(وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ
يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ) ؛ الجملة معطوفة على قوله : إذ قالت امرأة
عمران ، فتكون شرحاً مثله لاصطفاء آل عمران المشتمل عليه قوله تعالى : (إِنَّ اللّهَ
اصْطَفَى)
، الآية.
وفي الآية دليل على كون مريم محدثة تكلمها
الملائكة وهي تسمع كلامهم كما يدل عليه أيضاً قوله في سورة مريم : فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا
رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً
إلى آخر الآيات ؛ وسيأتي الكلام في المحدث.
وقد تقدم في قوله تعالى : فتقبلها ربها بقبول
حسن ؛ الآية : أن ذلك بيان لاستجابة دعوة ام مريم : وإني سميتها مريم : وإني اعيذها
بك وذريتها من الشيطان الرجيم ؛ الآية وأن قول الملائكة لمريم : (إِنَّ اللّهَ
اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ)
إخبار لها بما لها عند الله سبحانه من الكرامة والمنزلة فارجع إلى هناك.
فاصطفائها تقبلها لعبادة الله ، وتطهيرها
اعتصامها بعصمة الله فهي مصطفاة معصومة ؛ وربما قيل ؛ إن المراد من تطهيرها جعلها بتولاً
لا تحيض فيتهيأ لها بذلك أن لا تضطر إلى الخروج من الكنيسة ، ولا بأس به غير أن الذي
ذكرناه هو الأوفق بسياق الآيات.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 188