نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 18
وبذلك يظهر معنى انتقال الروح القديمة في
أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فالروح متحد الوجود مع البدن بوجه وهو النطفة وما يمدها
من دم الحيض وهي المتحدة مع بدنى الأبوين وهما مع النطفة وهلم جراً ، فما يجري على
الإنسان متعين في الجملة في وجود آبائه وامهاته ، مشهود في صور أشخاصهم ، وهو بوجه
كالفهرس المأخوذ من الكتاب الموضوع قبله.
وبه يظهر معنى قوله عليهالسلام : فيوحي الله عز وجل إليهما أي إلى الملكين
أن ارفعا رؤوسكما إلى رأس امه ، وذلك أن الذي لأبيه من شرح قضائه وقدره قد انقطع عنه
بانفصال النطفة ، فما بقي متصلاً به إلا امه ، وهو قوله عليهالسلام : فإذا اللوح يقرع جبهة امه والجبهة مجتمع
حواس الإنسان وطليعة وجهه فينتظران فيه فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجله وميثاقه
سعيداً أو شقياً وجميع شأنه ، فيملي أحدهما على صاحبه فنسبتهما شبيهة نسبة الفاعل والقابل
فيكتبان جميع ما في اللوح.
قوله عليهالسلام
: ويشترطان البداء فيما يكتبان ، وذلك لعدم اشتمال صورته على تمام علل حوادثه المستقبلة
، فإن الصورة وإن كانت مبدئاً لجميع ما يجري على الإنسان من أحواله والحوادث المختصة
به لكن ليست بالمبدء كله بل للامور والحوادث الخارجة عنه دخالة في ذلك ، ولذلك كان
الذي يتراءى منها من الحوادث غير حتمي الوقوع ، فكانت مظنة للبداء.
وأعلم : أن نسبة تفاصيل الولادة إلى تحريك
الله سبحانه الرجل ، ووحيه إلى الرحم ، وإرسال الملكين الخلاقين والملك الزاجر إلى
غير ذلك لا ينافي استناد هذه الحوادث ومنها الولادة إلى أسبابها الطبيعية ، فإن هذين
القبيلين من الأسباب أعني الأسباب المعنوية والأسباب المادية واقعان أحدهما في طول
الآخر لا في عرضه حتى يبطل أحدهما الآخر ، أو يتدافعا فيبطلا معاً ، أو يعود الأمر
إلى تركب العلة التامة من مجموع السببين ، بل كل منهما علة تامة لكن في مرتبته.
فمن أقامه الله سبحانه لهداية الناس إلى
سعادتهم المعنوية وسلوكهم إلى مرضاته وهم الأنبياء عليهمالسلام
ـ والطريق طريق الباطن ـ فإنما وظيفته أن يكلم الناس بلسان يسلك بهم مسلك الباطن ويذكرهم
مقام ربهم في جميع بياناته ، وهو توسيط الملائكة واستناد الحوادث إلى أعمالهم ، ونسبة
السعادة إِلى تأييدهم ، ونسبة الشقاء
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 18