نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 174
فقد تبين أن اصطفاء مريم وتطهيرها إنما هما
استجابة لدعوة امها كما أن اصطفائها على نساء العالمين في ولادة عيسى ، وكونها وابنها
آية للعالمين تصديق لقوله تعالى : وليس الذكر كالانثى.
قوله
تعالى : (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) ، وانما كفلها بإصابة القرعة حيث اختصموا
في تكفلها ثم تراضوا بينهم بالقرعة فأصابت القرعة زكريا كما يدل عليه قوله تعالى :
(وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ
أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) ، الآية.
قوله
تعالى : (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا
زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً ) « الخ » ، المحراب المكان المخصوص بالعبادة
من المسجد والبيت ، قال الراغب : ومحراب المسجد ، قيل : سمي بذلك لأنه موضع محاربة
الشيطان والهوى ، وقيل : سمي بذلك لكون حق الإنسان فيه أن يكون حريباً ( أي سليباً
) من أشغال الدنيا ومن توزع الخاطر ، وقيل الأصل فيه أن محراب البيت صدر المجلس ثم
اتخذت المساجد فسمي صدره به وقيل : بل المحراب أصله في المسجد وهو اسم خص به صدر المجلس
فسمى صدر البيت محراباً تشبيهاً بمحراب المسجد ، وكأن هذا أصح ، قال عز وجل : يعملون
له ما يشاء من محاريب وتماثيل ، انتهى.
وذكر بعضهم أن المحراب هنا هو ما يعبر عنه
أهل الكتاب بالمذبح ، وهو مقصورة في مقدم المعبد ، لها باب يصعد إليه بسلم ذى درجات
قليلة ، ويكون من فيه محجوباً عمن في المعبد.
أقول
: واليه ينتهي اتخاذ المقصورة في الاسلام.
وفي تنكير قوله : رزقاً إشعار بكونه رزقاً
غير معهود كما قيل : إنه كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء
، ويؤيده أنه لو كان من الرزق المعهود ، وكان تنكيره يفيد أنه ما كان يجد محرابها خالياً
من الرزق بل كان عندها رزق ما دائماً لم يقنع زكريا بقولها : هو من عند الله : (إنَّ اللّهَ
يَرْزُقُ)
« الخ » في جواب قوله : يا مريم أنى لك هذا ، لإمكان أن يكون يأتيها بعض الناس ممن
كان يختلف الى المسجد لغرض حسن أو سيئ.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 174