نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 157
إلا أن تحب بعده وعدم
حضوره في أشق الأحوال ، وعند أعظم الأهوال كما يقول لقرين السوء نظير ذلك ، قال تعالى
: (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
الى أن قال : حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ
يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) الزخرف ـ ٣٨.
قوله
تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ
نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ)
ذكر التحذير ثانياً يعطي من أهمية المطلب والبلوغ في التهديد ما لا يخفى ، ويمكن أن
يكون هذا التحذير الثاني ناظراً الى عواقب المعصية في الآخرة كما هو مورد نظر هذه الآية
، والتحذير الأول ناظراً الى وبالها في الدنيا أو في الأعم من الدنيا والآخرة.
وأما قوله : (وَاللّهُ رَؤُوفُ
بِالْعِبَادِ)
فهو ـ على كونه حاكياً عن رأفته وحنانه تعالى المتعلق بعباده كما يحكي عن ذلك الإتيان
بوصف العبودية والرقية ـ دليل آخر على تشديد التهديد إذ أمثال هذا التعبير في موارد
التخويف والتحذير إنما يؤتى بها لتثبيت التخويف وايجاد الإذعان بأن المتكلم ناصح لا
يريد الا الخير والصلاح ، تقول : إياك أن تتعرض لي في أمر كذا فإني آليت أن لا اسامح
مع من تعرض لي فيه ، انما اخبرك بهذا رأفة بك وشفقة.
فيؤول المعنى ـ والله أعلم ـ الى مثل أن
يقال : ان الله لرأفته بعباده ينهاهم قبلاً أن يتعرضوا لمثل هذه المعصية التي وبال
أمرها واقع لا محالة من غير أن يؤثر فيه شفاعة شافع ولا دفع دافع.
قوله
تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ
اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) قد تقدم كلام في معنى الحب ، وأنه يتعلق
بحقيقة معناه بالله سبحانه كما يتعلق بغيره في تفسير قوله تعالى : (وَالَّذِينَ
آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً الآية ) البقرة ـ ١٦٥.
ونزيد عليه هيهنا : أنه لا ريب أن الله سبحانه
ـ على ما ينادي به كلامه ـ إنما يدعو عبده الى الإيمان به وعبادته بالإخلاص له والاجتناب
عن الشرك كما قال تعالى : (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ
الْخَالِصُ)
الزمر ـ ٣ ، وقال تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) البينة ـ ٥ ، وقال تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) المؤمن ـ ١٤ ، الى غير ذلك من الآيات.
ولا شك أن الإخلاص في الدين إنما يتم على
الحقيقة إذا لم يتعلق قلب الإنسان
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 157