responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 154

ولا شفيع ، ففي الكلام أشد التهديد ، ويزيد في اشتداده تكراره مرتين في مقام واحد ويؤكده تذييله أولاً بقوله : (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) وثانياً بقوله : وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ على ما سيجيء من بيانه.

ومن جهة اخرى : يظهر من مطاوي هذه الآية وسائر الآيات الناهية عن اتخاذ غير المؤمنين أولياء أنه خروج عن زي العبودية ، ورفض لولاية الله سبحانه ، ودخول في حزب أعدائه لإفساد أمر الدين ؛ وبالجملة هو طغيان وإفساد لنظام الدين الذي هو أشد وأضر بحال الدين من كفر الكافرين وشرك المشركين فإن العدو الظاهر عدواته المبائن طريقته مدفوع عن الحومة سهل الاتقاء والحذر ؛ وأما الصديق والحميم إذا استأنس مع الأعداء ودب فيه أخلاقهم وسننهم فلا يلبث فعاله إلا أن يذهب بالحومة وأهلها من حيث لا يشعرون ، وهو الهلاك الذي لا رجاء للحياة والبقاء معه.

وبالجملة هو طغيان ، وأمر الطاغي في طغيانه الى الله سبحانه نفسه ؛ قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) الفجر ـ ١٤ ، فالطغيان يسلك بالطاغي مسلكاً يورده المرصاد الذي ليس به إلا الله جلت عظمته فيصب عليه سوط عذاب ولا مانع.

ومن هنا يظهر : أن التهديد بالتحذير من الله نفسه في قوله : ويحذركم الله نفسه ، لكون المورد من مصاديق الطغيان على الله بإبطال دينه وإفساده.

ويدل على ما ذكرناه قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) هود ـ ١١٣ ؛ وهذه آية ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنها شيبته ـ على ما في الرواية ـ فإن الآيتين ـ كما هو ظاهر للمتدبر ـ ظاهرتان في أن الركون إلى الظالمين من الكافرين طغيان يستتبع مس النار استتباعاً لا ناصر معه ؛ وهو الانتقام الإلهي لا عاصم منه ولا دافع له كما تقدم بيانه.

ومن هنا يظهر أيضاً : أن في قوله : ويحذركم الله نفسه ، دلالة على أن التهديد إنما هو بعذاب مقضي قضائاً حتماً من حيث تعليق التحذير بالله نفسه الدال على عدم

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست