responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 14

له في ذلك ، بمعنى أنه نظم الامور نوع نظم يؤدي إلى وجود الاختيار في الإنسان ، وهو الوصف الذى يمكنه به ركوب صراط الإيمان والطاعة أو التزام طريق الكفر والمعصية ، ليتم بذلك أمر الفتنة والإمتحان ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، وما يشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين.

فما من كفر ولا إيمان ولا غيرهما إلا عن تقدير ، وهو نظم الأشياء على نحو يتيسر لكل شيء ما يتوجه إليه من مقاصده التي سوف يستوفيها بعمله بتصويره بصورته الخاصة التي تمهد له السلوك إلى ما يسلك إليه. فالله سبحانه هو الغالب على أمره القاهر في إرادته المهيمن على خلقه ، يظن الإنسان أنه يفعل ما يشاء ويتصرف فيما يريد ، ويقطعْ بذلك النظم المتصل الذى نظمه الله في الكون فيسبق التقدير ، وهذا بعينه من القدر.

وهذا هو المراد بقوله : (يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء) ، أي ينظم أجزاء وجودكم في بدء الأمر على نحو يؤدي إلى ما يشاءه في ختمه مشية اذن لا مشية حتم.

وإنما خص الكلام بالتقدير الجاري في الإنسان ولم يذكر التقدير العام الجاري في العالم كله لينطبق على المورد ، ولما مر أن في الآيات تعريضاً للنصارى في قولهم في المسيح عليه‌السلام والآيات منتهية إلى ما هو الحق من أمره ، فإن النصارى لا ينكرون كينونته عليه‌السلام في الرحم وأنه لم يكون نفسه.

والتعميم بعد التخصيص في الخطاب أعني قوله : يصوركم بعد قوله نزَّل عليك ، للدلاله على أن إيمان المؤمنين أيضاًً ككفر الكافرين غير خارج عن حكم القدر ، فتطيب نفوسهم بالرحمة والموهبة الإلهية في حق أنفسهم ، ويتسلوا بما سمعوه من أمر القدر ومن أمر الانتقام فيما يعظم عليهم من كفر الكافرين.

قوله تعالى : (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، فيه عود الى ما بدء به الكلام في الآيات من التوحيد ، وهو بمنزلة تلخيص الدليل للتأكيد.

فإن هذه الامور المذكورة أعني : هداية الخلق بعد ايجادهم ، وإنزال الكتاب والفرقان ، وإتقان التدبير بتعذيب الكافرين امور لا بد أن تستند الى إله يدبرها واذ لا إله إلا الله تعالى شأنه فهو الذي يهدي الناس وهو الذي ينزل الكتاب والفرقان ،

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست