responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 109

فيه لذة الغذاء ولذة النكاح لا يستريح الإنسان في طريق النيل إليهما دون أن يتحمل كل تعب وعناء ويقاسي كل مصيبة وبلاء ، وهو في اقتناء هذه الشهوات مختال فخور بما ليس فيه إلا الغرور ، وأما الصنع والخلقة فينال بغيته ويبلغ امنيته فإنه ما كان يريد بهذا التدبير إلا بقاء وجود الفرد وقد حصل بالتغذي ، وإلا بقاء وجود النوع وقد حصل بالنكاح والسفاد ولم يبق للإنسان مثلاً فيما كان يريده إلا الخيال.

وإذا كان هذه اللذائذ الدنيوية مقصودة في الخلقة لأجل غرض محدود معجل فلا معنى لتحققها في ما لا تحقق هناك لذلك الغرض ، فلذة الأكل والشرب وجميع اللذائذ الراجعة إلى التغذي مقصودة في الطبيعة لأجل حفظ البدن عن آفة التحلل وفساد التركيب وهو الموت ، ولذة النكاح وجميع اللذائذ المرتبطة به وهي امور جمة إنما تقصدها الخلقة لأجل حفظ النوع من الفناء والاضمحلال ، فلو فرض للإنسان وجود لا يلحقه موت ولا فناء وحيوة مأمونة من كل شر ومكروه فأي فائدة تترتب على وجود القوى البدنية التي تعمل لأجل تحصيل بقاء الشخص أو النوع ؟ وأي ثمرة يثمرها تجهيزات البدن وأعضائه كالكلي والمثانة والطحال والكبد وغيرها وجميعها إنما أوجدت لأعمال تنفع في البقاء المعجل المحدود دون البقاء المخلد المؤبد.

وأما الجواب فهو أن الله سبحانه إنما خلق ما خلق من لذائذ الدنيا والنعم التي تتعلق بها هذه اللذائذ زينة في الأرض ليقصدها الإنسان فينجذب إلى الحيوة ويتعلق بها كما قال : (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا) الكهف ـ ٧ ، وقال : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الكهف ـ ٤٦ ، وقال : (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) النساء ـ ٩٤ ، وقال ـ وهو أجمع للغرض ـ : (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه ـ ١٣١ ، وقال أيضاً : (وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ) القصص ـ ٦٠ ، إلى غير ذلك من الآيات ، وجميعها تبين أن هذه النعم الموجودة في الدنيا ، واللذائذ المتعلقة بها امور مقصودة لأجل الحيوة وأمتعة يتمتع بها لأجل الحيوة هذه الحيوة المحدودة التي لا تتعدى أياماً قلائل ، فلو لا الحيوة لما كانت هي مقصودة ولا مخلوقة ، وهذا هو حق الأمر.

لكن يجب أن يعلم أن وجود الإنسان الباقي ليس إلا هذا الوجود الذي يمكث

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست